للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ يقظويه: كنت عِنْد الْمبرد؛ فَمر بِهِ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق؛ فَوَثَبَ الْمبرد إِلَيْهِ وَقبل يَده وَأنْشد: فَلَمَّا بصرنا بِهِ مُقبلا ... حللنا الحبي وابتدرنا القياما فَلَا تنكرن قيامي لَهُ ... فَإِن الْكَرِيم يجل الكراما قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وأنشدنا إِسْمَاعِيل القَاضِي لنَفسِهِ: لَا تعتبن على النوائب ... فالدهر يرغم كل عَاتب واصبر على حدثانا ... إِن الْأُمُور لَهَا عواقب وَلَكِن صَافِيَة قذى ... وَلكُل خَالِصَة شوائب كم فُرْجَة مطوية ... لَك بَين أثْنَاء النوائب ومسرة قد أَقبلت ... من حَيْثُ تنْتَظر المصائب قَالَ إِسْمَاعِيل القَاضِي: مَا عرض لي هم فادح، فَذكرت هَذِه الأبيات، إِلَّا وَوجدت من روح الله مَا يحل عقالي، وينعم بالي؛ ثمَّ تؤول عَاقِبَة مَا أحذره فَاتِحَة مَا أوثره. وَذكر بَعضهم قَالَ: اجْتمع أَبُو الْعَبَّاس بن شُرَيْح القَاضِي، وَأَبُو بكر بن دَاوُود الإصبهاني، وَأَبُو الْعَبَّاس الْمبرد على بَاب القَاضِي إِسْمَاعِيل. فَأذن لَهُم؛ فَتقدم ابْن شُرَيْح، وَقَالَ: قدمني الْعلم وَالسّن وَتَأَخر الْمبرد وَقَالَ: أخرني الْأَدَب وَقَالَ ابْن دَاوُود: إِذا صحت الْمَوَدَّة سَقَطت المعاذير. وَأول مَا ولى قَضَاء الْجَانِب الشَّرْقِي، فِي أَيَّام المتَوَكل، سنة ٢٤٦، إِلَى سنة ٢٦٢، فَجمعت لَهُ بَغْدَاد كلهَا؛ فَكَانَ يَدعِي قَاضِي الْقُضَاة. قَالَ وَكِيع فِي كِتَابه فِي الْقُضَاة: وَأما شَدَائِد إِسْمَاعِيل فِي الْقَضَاء، وَحسن مذْهبه فِيهِ، وسهولة الْأَمر عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ يلتبس على غَيره، فَهُوَ شَيْء شهرته تغنى عَن ذكره. وَكَانَ فِي أَكثر أوقاته، وَبعد فروغه من الْخُصُوم، متشاغلاً بِالْعلمِ، لِأَنَّهُ اعْتمد على حَاجِبه أبي عمر مُحَمَّد بن يُوسُف، وَعلي كَاتبه أبي الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بالباز

<<  <   >  >>