للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميعًا ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- وبني هاشم، والعباس هو الذي أخذ الأمان لأبي سفيان من النبي -صلى الله عليه وسلم- عند فتح مكة، وقد اشتد على عمر حين طلب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يضرب عنق أبي سفيان؛ فقال العباس: مهلًا يا عمر, فوالله أن لو كان من رجال بني عدي ما قلت هذا، ولكن عرفت أنه من رجال عبد مناف١. ولم يبد رجال بني عبد مناف حماسة شديدة للقتال حين خرجت قريش لقتال المسلمين في بدر، بل كانوا يسايرون إجماع القبيلة على الخروج, بل إن بعضهم حاول تخذيل قريش عن لقاء المسلمين، وكان أبرز من قام بهذا الدور عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، حتى اتهمه أبو جهل بالممالأة فقال: إن عتبة يشير عليكم بهذا -يعني الرجوع- لأن ابنه مع محمد، ومحمد ابن عمه، وهو يكره أن يقتل ابنه وابن عمه٢.

وهكذا يثبت ابن إسحاق والواقدي ومن أخذ عنهما أن الترابط كان موجودًا بين بني عبد مناف جميعًا، وأن قريشًا كانت تعتبر بني عبد مناف عصبية واحدة وحتى ليقول أبو جهل وقد سئل عن رأيه فيما يقول محمد -صلى الله عليه وسلم-: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا هذه؟ والله لا نؤمن به أبدًا٣, وهكذا نجد أنه ليس هناك ذكر لما ذهب إليه ابن سعد. والأمر الثاني الذي يطالعنا أن الرواية في كلتا الحادثتين رواية مفردة مقطوعة السند، وهي عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وهو غير منزَّه عن الشبهات؛ لأنه لا يحقق ما يصل إلى يده٤. ثم إن من أخذوا بهذه الرواية من أمثال ابن الأثير الذي أخذها عن الطبري الذي أخذها بدوره عن ابن سعد، قد مهدوا لهذه الرواية بقصة أسطورية، فقد ذكر ابن الأثير أن هاشمًا وعبد شمس توأمان وأن أحدهما ولد قبل الآخر، وأصبع له ملتصقة بجبهة صاحبه فنحيت، فسال الدم٥، فقيل يكون بينهما دم، وذكر اليعقوبي حادث الولادة فقال: كانا توأمين فخرج هاشم وتلاه عبد


١ نفسه ٤/ ٢١.
٢ الواقدي: مغازي رسول الله ص ٤٦.
٣ ابن هشام ١/ ٣٣٨.
٤ ياقوت: معجم الأدباء ١٩/ ٢٨٧- ٢٨٨.
٥ ابن الأثير ٢/ ١٠.

<<  <   >  >>