كانت النيات قد فسدت بين المسلمين واليهود كما بينا، وكان اليهود قد بدءوا يناوشون المسلمين، ويحرضون عليهم ويدسون بينهم حتى فاضت النفوس بالعداوة، وجعل كل من الطرفين يتربص بالآخر. حتى إذا كانت غزوة بدر وانتصر المسلمون فيها انتصارًا كبيرًا على قريش، ساء اليهود هذا النصر فبدأت طوائفهم تتغامز بالمسلمين، وتغري بهم، وتحرض عليهم، حتى فاضت النفوس أي فيض، ولم ينقص الموقف إلا الشرارة التي تشعل الحريق، وكان بنو قينقاع يقيمون بداخل المدينة، وفي حيهم يقوم سوق عرف باسمهم، وكانوا صاغة يعملون في صناعة الحلي، ولإقامتهم بين المسلمين كانوا أكثر قبائل اليهود احتكاكًا، وكان وجودهم هذا مما يثير حفائظهم كما كان يشكل في الوقت نفسه خطرًا على كيان المدينة اليثربية أو فوجئت بهجوم خارجي وحدثتهم أنفسهم بالخيانة، ثم إنهم كانوا أشداء لعدم اعتمادهم على الحصون كبقية اليهود، فأغرتهم قوتهم بتحدي المسلمين فلما قدمت امرأة من الأنصار إلى سوقهم لتبيع بعض