للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سكان المدينة]

[مدخل]

...

[سكان المدينة]

كانت يثرب عند الهجرة النبوية منقسمة إلى عدة دوائر تسكنها بطون عربية ويهودية، وكل دائرة تابعة لبطن من البطون. وكانت الدائرة تنقسم إلى قسمين: يشتمل القسم الأول على الأراضي الزراعية بمنازلها وسكانها، ويشتمل القسم الثاني على الأطم أو الآطام، وكان البطن يملك أطمًا أو أكثر، وهذه الآطام كانت ملكًا خاصًّا بالأسر العريقة، ورئيس الأسرة هو صاحب السلطان في الأطم كما كان يعتبر زعيمًا من زعماء البطون٢. وكانت الآطام عظيمة الأهمية في يثرب، يفزع إليها أفراد البطن عند هجوم العدو٣، ويأوي إليها النساء والأطفال والعجزة حين يخرج الرجال للقتال٤ وكانت الآطام تستعمل كمخازن تجمع فيها الغلال والثمار؛ لأنها كانت معرضة في أماكنها المكشوفة للنهب والسلب، وفي الأطم يخزن السلاح وتكنز الأموال٥. وفي كل أطم كان يوجد بئر أو أكثر يستقي منه أهله إذا هاجمهم عدو واضطروا إلى الاحتماء بالأطم٦. كما كانت أطم اليهود تشتمل على المعابد وبيوت المدارس يجتمع فيها الزعماء للبحث والمشاورة حيث يقسمون بالكتب المقدسة حين يهمون بإبرام العقود والاتفاقات٧، على أنه قد وجدت في يثرب بطون لم تكن تملك الآطام، فكانت هذه البطون لذلك تقيم في الأحياء، حيث تحمي البطون الكبيرة مواليها من غارات البطون الأخرى، وكانت الأحياء متضامنة متلاصقًا بعضها ببعض، وإن كان كل حي يهتم بشئونه الخاصة.


١ الأطم: اسم مأخوذ من ائتطم إذا ارتفع وعلا "السهيلي٢/ ٥٢٩" أطلق اليهود على الحصن اسم الأطم؛ لأنه كان في إمكانهم أن يغلقوا أبوابه وأنه كانت له نوافذ تقفل من الخارج وتفتح من الداخل "ولفنسون ١١٣".
٢ انظر السمهودي ١/ ١٣٤- ١٥٢.
٣ ابن هشام ٣/ ١٩٢.
٤ ابن هشام ٣/ ١٣٤- ١٥٢.
٥ نفسه ٣٨١- ٣٨٩.
٦ ابن هشام ٣/ ٢٣٥، ألأغاني ١٣/ ٩٩ "طبعة مطبعة التقديم بمصر".
٧ ابن هشام "هامش الروض"٢/ ٣٨. ٤٠، ولفنسون ١١٦- ١١٧.

<<  <   >  >>