يتميز المجتمع العربي إلى بدو وحضر. والبدو سكان البادية، وفي البادية يتميز نوعان من الأرض التي وإن كانت صحراوية رملية عديمة المطر في الصيف إلا أنها في الشتاء بعد فصل الأمطار القليلة كانت تغطى -وبخاصة في الوديان- بالأعشاب الخضراء التي تعتبر مجالًا طيبًا لرعي الماشية من الماعز والضأن وبخاصة الجمال التي كان البدو يعتمدون عليها في حياتهم؛ ينتقلون عليها ويشربون ألبانها ويتغذون بلحومها ويتنفعون بأوبارها وجلودها في نسج ملابسهم, وإقامة خيامهم. والأراضي الأكثر خصوبة والتي تتميز بوجود بعض الآبار والعيون بها حيث تنبت أشجار النخيل والشجيرات ذات الروائح العطرية، وكانت هذه الأراضي ملجأ أهل البادية في الصيف؛ حيث تجفّ الأعشاب، فيجدون فيها الماء والغذاء لجمالهم، والثمر لغذائهم.
من أجل ذلك اتّسمت حياة البادية بالرحلة والتنقل، وكثر تشاحن القبائل للاستيلاء على قطعان الماشية وممتلكات الغير وأصبح جزءًا من مقومات الحياة البدوية. وأصبح السلب والنهب لا يعد جريمةً في نظر البدوي سواء كان ذلك غارة على واحة أو على قافلة، ومن هنا اتسمت حياة البادية سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية بالتقلقل الشديد، كما اتسمت بالقسوة وموت العاطفة عند الأعراب الفقراء حتى ليقتلون أولادهم خشية الإملاق، كما قلت: قيمة المرأة عن قيمة الرجل، وإن كانت تسهم في الحياة العامة، فتشارك الرجل في حمل أعباء الحياة المدنية من القيام على المنزل وأعمال النسج والحياكة وإعداد الطعام؛ إلا أنها أقل غناء في الحرب، وفي