لم تحدثنا المصادر عن العلاقات التي كانت بين القبائل والبطون اليهودية بعد قدومها إلى يثرب واستقرارها بها؛ ولذلك فإنه ليس أمامنا إلا الاستنتاج نعتمد عليه من دراسة أحوالهم في الفترة التي سبقت الهجرة مباشرة وفي عهد الهجرة النبوية.
وقد بينا -من قبل- كيف قدم اليهود إلى يثرب، وأنهم جاءوا في هجرات متتابعة نتيجة للظروف التي كانت تواجههم في موطنهم في فلسطين. وهم حين جاءوا إلى هذه المناطق من أرض الحجاز كانوا طارئين عليها، فكان من مصلحتهم أن يكونوا على علاقات طيبة فيما بينهم، وكان على السابق منهم أن يفسح مجالًا للاحق، بدافع الشعور بالمحنة المشتركة وحتى يكثر عددهم ويقووا على حماية أنفسهم في بيئتهم الجديدة.
وقد شغلوا في فترتهم الأولى بتدبير أمر أنفسهم والتقوي على مواجهة جيرانهم من البطون العربية النازلة في يثرب، ومن القبائل التي تجاورم وترجح أن حياتهم الأولى لم تكن سهلة ميسرة، وأن أحداثًا وقعت بينهم وبين جيرانهم مما جعلهم يتوسعون في إقامة الحصون والآطام حتى يقووا على مواجهة أي هجوم عليهم؛ وهم مع ذلك يعملون لاستثمار الأراضي الخصيبة التي نزلوا فيها. وقد نجحوا في كلا