للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مشكلة الخلافة]

اختلف الناس عندما علموا بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- واستسلموا إلى جميع الدوافع الغريزية التلقائية، فمنهم مكذب بموته، ومنهم هلع، ومنهم حريص على انتهاز الفرصة.

أما من لم يصدق الخبر فهو عمر بن الخطاب حتى هم أن يقتل من كان يروي الخبر، وأما من هلع فهو علي بن أبي طالب وأهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- الأقربون، وأما المنتهزون للفرصة فهم الأنصار، حملتهم العصبية على أن سارعوا إلى الاجتماع في إحدى السقائف المسماة سقيفة بني ساعدة. وقد كان لكل بطن من بطون القبيلة مكان أو سقيفة يجتمعون عندها إلا أن سقيفة بني ساعدة اشتهرت لاجتماع الأنصار عندها في هذا اليوم، وشرع الأنصار يختارون واحدًا منهم، وانتشر الخبر بالمدينة حتى بلغ الصحابة؛ فسارع ثلاثة منهم هم: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح في عدد من الصحابة، وأرادوا أن يعالجوا هذا الموقف الذي خلقه الأنصار بتسرعهم وتصرفهم المفاجئ دون أن يتفاهموا مع الأطراف الأخرى بالمدينة، ولم يلجأ الصحابة إلا إلى الحجة، ونجحوا في الحيلولة بين الأنصار وبين انفرادهم بأمر تقرير النظام الجديد، ولو تم للأنصار ما أرادوا لتعرضت الجماعة كلها لفتنة كبرى، والواقع أن تسرع الأنصار يومئذ كان مريبًا، وكان جنوحًا إلى العصبية، وقد سهل الأمر على الصحابة الثلاثة أن الأنصار كانوا منقسمين إلى عصبيات مختلفة وأن هذه العصبيات عملت عملها في هذا الموقف الحاسم، أما هذا الثالوث من الصحابة فكان صفًّا واحدًا يتبع رأيًا واحدًا، ولهذا انتهى الأمر بمناقشة بين الأطراف المجتمعة حول نظام الحكم، وفي أثناء المناقشة عرضت آراء

<<  <   >  >>