للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الرابع: الحالة الاقتصادية

كانت الحالة الاقتصادية في يثرب متعددة الجوانب؛ فالمدينة تقع في منطقة خصيبة تسيل فيها الوديان بما يغذي هذه المنطقة بالمياه الكافية لقيام زراعة جيدة فيها، إلى جانب الآبار والعيون التي كثرت في منطقتها والتي حفرها السكان للانتفاع بمياهها للشرب وللسقي. ولذلك عمل أهلها بالزراعة، وكانت خصوبة التربة تغنيهم عن الضرب في الأرض ابتغاء الرزق بوجه الإجمال. وقد وردت آيات قرآنية كثيرة تشير إلى جانب النخيل والأعناب والزروع الأخرى ومن بينها الحبوب والبقول١، بما يمكن أن يقوم برهانًا على أن أهل المدينة كانوا على حظ غير يسير من الأعمال الزراعية المتنوعة؛ وأن هذه الزراعات كانت توفر الجزء الأكبر من حاجة السكان الغذائية، كما أن أهل البادية كانوا يمتارون منها ما هم في حاجة إليه من غذاء بخاصة التمر، وقد حفلت الآيات كثيرًا بذكر النخيل مما يوحي بأنه كان يسد كثيرًا من حاجة السكان الغذائية.

كما أنه قد ورد كثيرًا من الآيات المدنية فيها بعض الأوامر والنواهي والتشريعات الخاصة بالتجارة والأعمال التجارية، مما يمكن أن يلهم بأنه كان في المدينة حركة تجارية غير ضعيفة.

كما أن مجتمعًا مدنيًّا كمجتمع يثرب لا بد أن تقوم فيه صناعة لسد حاجة السكان بما يحتاجون إليه من صناعات هي من مستلزمات الحياة الزراعية ومستعملات السكان اليومية، وما يترفهون به ويتحلون وما يحتاجون إليه من سلاح كان ضروريًّا للدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم، ولا يعقل أن يجلبوا كل ما يحتاجون إليه من هذه الأدوات والحاجيات المتنوعة الكثيرة مصنوعًا من الخارج.


١ انظر سورة البقرة ٢٦١، ٢٦٤، ٢٦٦ الأنعام ٩٩، ١٤١. الكهف ٣٣- ٣٤. المؤمنون ١٩ يس ٣٣- ٣٤. ق ٧ -١١.

<<  <   >  >>