للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثياب الإحرام]

والمسلمون يؤدون الزيارتين المذكورتين للكعبة في ثياب الإحرام، وهي ثياب غير مخيطة، وقد كان لهذا أصل قبل البعثة. فقد ذكرت كتب السيرة والتفسير في صدد تفسير الآية القرآنية: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد} [الأعراف] أن بعض الحجاج قبل الإسلام كانوا يطوفون حول الكعبة عراة رجالًا ونساء، والآية نزلت بسبيل التنديد بذلك وتقرير وجوب أخذ الناس زينتهم والظهور بمظهر الحشمة والوقار عند كل عبادة ومسجد، بارتداء الملابس التي هي مظهر الزينة والحشمة، وقد كان العرب يكرهون أن يطوفوا بالكعبة وعليهم ثيابهم الاعتيادية؛ حذر أن يكونوا قد اجترحوا من المآثم وهي عليهم، ويطوفون عراة؛ فإذا طافوا بها كانوا يلقونها ثم لا يأخذونها بعد ذلك أبدًا, ويتركونها لا يقربها أحد حتى تبلى. وقد سن لهم الأحماس خلعها والتستر بملابس أحمسية، وهي مآزر كان الأحماس يعدونها خصيصًا للحجاج ويسمونها المآزر الأحمسية، وكان الذين لا يجدون مآزر أحمسية أو لا يقدرون عليها ويضنون بثيابهم أن يفقدوها، يخلعونها قبل الطواف ويطوفون عراة رجالًا ونساء١.

وقد ظلت عادة الطواف بالعري إلى ما بعد فتح مكة، حتى أبطل هذه العادة حين أبطل أمر الحمس، وحرم الحج على المشركين حين أعلن للناس بيان براءة في السنة التاسعة من الهجرة٢.

والسعي بين الصفا والمروة كان من الطقوس التي يقوم بها الحاج أو المعتمر في الجاهلية، والصفا والمروة هضبتان صخريتان قريبتان من الكعبة وتبعد إحداهما عن الأخرى نحو أربعمائة متر، وكان المشركون قد نصبوا عندهما بعض أصنامهم، وكانوا يقومون عندهما ببعض الطقوس ويقربون القرابين، ومن جملة هذه الطقوس الطواف بهما. وقد تحرج المسلمون من الطواف بهما كما كانوا يفعلون قبل إسلامهم، فنزلت الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ


١ تفسير الطبري ١٢/ ٣٨٩- ٣٩٥.
٢ البخاري ٢/ ١٥٣.

<<  <   >  >>