لبث الأوس والخزرج بعد تغلبهم على اليهود زمنًا وكلمتهم واحدة وأمرهم جميع، ثم وقعت بينهم حروب كثيرة، ذكر أصحاب الأخبار عددًا من أيامهم فيها، منها حرب سمير، وحرب كعب بن عمرو المازني، ويوم السرارة، ويوم فارع، ويوم الفجار الأول والثاني، وحرب الحصين بن الأسلت، وحرب حاطب بن قيس، ثم حرب بعاث، وكان أولها حرب سمير وآخرها حرب بعاث قبل الهجرة بخمس سنوات١.
وقالوا في أسباب حرب سمير: إن رجلًا من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان يقال له كعب بن العجلان، نزل على مالك بن العجلان السالمي؛ فحالفه وأقام معه، فخرج كعب يومًا إلى سوق بني قينقاع، فرأى رجلًا من غطفان معه فرس، وهو يقول ليأخذ هذا الفرس أعز أهل يثرب، فقال كعب: مالك بن العجلان، وقال رجل: فلان، وقال آخر: أحيحة بن الجلاح الأوسي، وقال غيرهم: فلان بن فلان اليهودي، أفضل أهلها. فدفع الغطفاني الفرس إلى مالك بن العجلان. فقال كعب: ألم أقل لكم إن حليفي مالكًا أفضلكم؟ فغضب من ذلك رجل من الأوس من بني عمرو بن عوف يقال له سمير، وشتمه وافترقا. وبقي كعب ما شاء الله. ثم قصد سوقًا لهم بقباء، فقصده سمير ولازمه حتى خلا السوق فقتله، وأخبر مالك بن العجلان بقتله، فأرسل إلى بني عمرو بن عوف يطلب قاتله، فأرسلوا: إنا لا ندري من قتله. وترددت الرسل