للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين اشتدت شوكتهم بعد انتصارهم في بدر؛ فاضطروا إلى الدخول في حلف مع النبي -صلى الله عليه وسلم.

ولعل المعاهدات التي وقعها النبي -صلى الله عليه وسلم- مع هذه القبائل لم تكن تشترط عليها أن تشارك معه في القتال، وهذا أمر طبيعي بعد أن فسدت الأمور بين المسلمين واليهود كما أشرنا إليه من قبل. فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يثق باليهود حتى يشترط عليهم أن يشاركوا معه في الحرب، والدليل على ذلك أن اليهود لم يشاركوا فعلًا في حروب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رفض الاستعانة بهم حين عرض رجال الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من اليهود في يوم أحد١، ونحن لا نوافق على ما ذهب إليه ولفنسون وغيره من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد غضب على بني النضير لعدم اشتراكهم معه في موقعة أحد٢؛ لأن بني النضير كانت قد بدت الخيانة منهم وممالأة العدو من قَبْلِ أحد. فإن أبا سفيان بن حرب قد نزل على سلام بن مشكم سيد بني النضير في غزوة السويق بعد بدر فقراه وسقاه وبطن له خبر الناس -أعلمه سرهم-٣. فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل -والحالة هذه- أن يشتركوا في جيشه حتى لا يتعرض لخيانتها في ميدان القتال.


١ ابن هشام ٣/ ٨. الواقدي ١٦٨.
٢ ولفنسون ١٢١- ١٣٥.
٣ ابن هشام ٢/ ٤٢٢- ٤٢٤.

<<  <   >  >>