للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانوا يحصلون عليها ضرائب باهظة، ولم يسمحوا بوصولها إلى يد الروم إلا بأثمان غالية جدًّا, وكان احتكار الفرس للتجارة الشرقية ومغالاتهم في قيمة الضرائب ورفع الأسعار من الأسباب التي روجت تجارة مكة وقوت مركزها لدى البيزنطيين، كما أن تجارة الفرس مع الجزيرة العربية كانت بيد الحيرة، التي كانت تتسلمها ثم تجيزها إلى أسواق العرب نظير جعل تدفعه لرؤساء القبائل لحماية هذه التجارة. كما أن ملوك اللخميين كانوا يرسلون متاجرهم إلى أسواق مكة كل عام في حماية بعض رؤساء القبائل العربية١. الأمر الذي جعل تجارة قريش قليلة مع هذه الجهات، ومع ذلك فقد كانت قوافل قريش تتصل بالحيرة. ويقال: إن قريشًا تعلمت الكتابة من الحيرة٢.

وقد ازداد نشاط التجارة القرشية نحو هذه البلاد بعد أن تضعضع ملوك الحيرة، وكثرت اعتداءات القبائل على تجارة الفرس المارة عن طريقهم، وعلى تجارة المناذرة أنفسهم، ثم ما تلا ذلك من سقوط سلطان الحيرة بعد مقتل النعمان بن المنذر وهزيمة الفرس أمام العرب في معركة ذي قار٣، وقد حاولت قريش أن تحول نشاطها التجاري ناحية العراق بعد أن توقفت تجارتها نحو الشمال بعد موقعة بدر سنة ٢هـ. فأرسلت قافلة بلغ ثمن ما بها من بضاعة مائة ألف ٤. ولكن المسلمين تصدوا لها واستولوا على القافلة، فلم تستطع قريش أن تفلت من الحصار الذي ضربه عليها المسلمون من الشمال والشرق.


١ ابن الأثير ١/ ٣٥٩- ٣٦٠. النويري نهاية الأرب ١٥/ ٤٢٥. فجر الإسلام ١٤.
٢ ابن هشام ١/ ١٩٠. هامش الروض. الآلوسي ١/ ٣٥٠: المصعب الزبيري: نسب قريش ص ١٣٦.
٣ ابن الأثير ١/ ٢٩١. النويري ١٥/ ٤٣٣.
٤ ابن هشام ٢/ ٤٢٠- ٥٣٠. ابن كثير ٤/ ٥.

<<  <   >  >>