للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحج وأسواقه كانت حافزًا لنشاط قريش التجاري, إذ هم يضربون في الأرض شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا لحمل التجارة بين هذه الجهات، ولمزاولة التجارة الداخلية في أسواق العرب، وفي موسم الحج في مكة. وإن هذه السنن التي فرضوها على العرب جميعًا هي في الحقيقة متصلة بنشاطهم التجاري؛ فإن الناس يطرحون أزواد الحل قبل الدخول في الحرام، حتى يبتاعوا أزوادهم من أهل مكة. وكذلك عدم السماح لهم بالطواف بأثوابهم وإنما عليهم أن يلبسوا المآزر الأحمسية وذلك حتى يشتروا ما يلزمهم من ذلك من قريش، وبذلك كانت توجد سوق نشيطة في مكة في موسم الحج لبيع الملابس، وتخصص بعض التجار في بيع الأطعمة١. وإذا كانت تضيف الحجاج ثلاثة أيام بمنى فليس ذلك بكافٍ، ثم إن الأغنياء من الحجاج لم يكونوا يشاركون في هذه الموائد العامة التي تقيمها قريش، والكل مضطر لشراء طعامه بعد ذلك. وإذا كان من الناس من يستعير ثياب الحمس أو يهداها؛ فليس الجميع كذلك، وكذلك لم يكن الكثير قادرًا على الاستغناء عن ملابسه لتكون: لقي بعد طوافه، ولا كلهم يرضى بالطواف عريانًا وبخاصة وإن كان منهم من يفعل ذلك؛ على أن قريشًا كانت تأخذ إلى جانب ذلك كله ضريبة تسمى الحريم من كل من نزل عليها، تأخذ بعض ثيابه أو بعض بدنته٢.


١ الذهبي سير أعلام النبلاء ٢/ ٢٩.
٢ جواد علي ٤/ ٢١٨. شوقي ضيف: العصر الجاهلي٥٠.

<<  <   >  >>