للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن أهل مكة قد مارسوا تربية الماشية من إبل وغنم وأبقار، وأنهم كانوا يرعونها في الوديان والشعاب المجاورة لمنطقة مكة، والتي كانت تنبت الكلأ والشجيرات الرعوية التي تزدهر في مواسم معينة من السنة١، وقد ورد في كتب السيرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرعى الغنم في أجياد، وأن عمر بن الخطاب كان يرعى إبل أبيه بجوار مكة٢. ومدينة تجارية مثل مكة كانت تقوم على تجارة القوافل لا بد أن تكون قد اهتمت بتربية الإبل، ولا يمكن أن تكون اعتمدت كلية على ما تستأجره من إبل الأعراب، بل إن أهلها كانوا يملكون ما يعتمدون عليه في نقل متاجرهم يربونه أو يشترونه من الأعراب ٣، كما كانوا يملكون عددًا من الخيل لاستعمالها في ركوبهم وحروبهم، وربما كانوا يبيعون بعضها مبادلة على الإبل التي كانت حاجاتهم إليها أشد ونفعها لهم أكبر٤.كما كانوا يملكون عددًا من الحمير والبغال. وكان لهذه الحيوانات كلها سوق نشيطة في مكة.

الصيد:

كان الصيد من مشاغل العرب ومعايشهم، بل كان من ضروريات حياتهم المعيشية، وقد ورد في القرآن آيات خاصة بالصيد، سواء منه صيد البر أو صيد البحر١. ويستفاد من هذه الآيات أن العرب في فترة البعثة المحمدية كانوا قد بلغوا شوطًا بعيدًا في فنون الصيد، فكانوا يستعينون عليه بالطيور الجارحة والحيوانات المعلمة كالبزاة والعقبان والصقور والكلاب٢ وكانوا يعلمون هذه الطيور والحيوانات لتقوم بمهمتها


١ انظر وصف منطقة مكة في حالة خصبها. أسد الغابة ١/ ١٠١ "روى ابن شهاب الزهري قال: قدم أصيل الغِفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فدخل على عائشة -رضي الله عنها- فقالت له: يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أَخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت: أقم حتى يأتيك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يلبث أن دخل عليه النبي -صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ " قال: عهدتها والله قد أَخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأَعزق إذخرها, وأَسلب ثمامها، وأَمشر سلمها، فقال: "حسبك يا أصيل، لا تحزنَّا" أعزق: صارت له أفنان. أسلب ثمامها: أخوص وصار له خوص. أمشر: أورق واخضر.
٢ ابن سعد ١/ ١٠٧- ١٠٨ الاستيعاب ٣/ ١٥٧.
٣ البخاري ٣/ ٦٢، ابن هشام ١/ ٤٩.
٤ ابن الأثير ١/ ٣٤٤.
٥ انظر سورة المائدة ١، ٢، ٤، ٩٤، ٩٦.
٦ البخاري ١/ ٤٢.

<<  <   >  >>