للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجالًا ألوانًا قاسية من العذاب، حتى دفعت الشفقة أبا بكر بن أبي قحافة الذي لقب بالصديق -وهو أول من آمن بالنبي صلى

الله عليه وسلم من رجال قريش وكان تاجرًا موسرًا- إلى أن يشتري بلالًَا وغيره ويعتقهم١. والحقيقة أن صبر المؤمنين وتمسكهم بدينهم واستهانتهم بالتعذيب والموت في سبيله ليعد من أروع مواقف البطولة والتضحية في سبيل المبدأ والعقيدة. والنبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه -برغم وقوف أهله إلى جانبه وتصديهم لحمايته- لم يسلم من الأذى حتى تعرضت حياته نفسها للموت.

ولقد تحدث العالم الأوربي الدكتور ماركس دودز عن شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنه لخليق في هذه الفضيلة أن يسامي أوفر الأنبياء شجاعة وبطولة بين بني إسرائيل؛ لأنه جازف بحياته في سبيل الحق، وصبر على الإيذاء يومًا بعد يوم عدة سنين، وقابل النفي والحرمان والضغينة وفقد مودة الأصحاب بغير مبالاة، فصابر على الحملة قصارى ما يصير عليه إنسان دون الموت الذي نجا منه بالهجرة، ودأب مع هذا علي بث رسالته غير قادر على إسكاته وعد ولا وعيد ولا إغراء٢، كما تحدث غيره من مؤرخي العرب مشيدين بشجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتضحياته وهو من آمن به من المسلمين الأولين٣.


١ ابن هشام ١/ ٣٤٠- ٣٤١.
٢ عباس العقاد: عبقرية محمد ص٢٦٢- ٢٦٣.
٣ بودلي الرسول "حياة محمد" ص٨١ وما بعدها.

<<  <   >  >>