للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد سكن اليهود الجهات الخصيبة الغنية في منطقة يثرب؛ فقد أقام بنو النضير بالعوالي في الجنوب الشرقي للمدينة على وادي مذينب، وأقام بنو قريظة إلى شمالهم على وادي مهزور، أما بنو قينقاع فقد أقاموا عند منتهى جسر وادي بطحان مما يلي العالية، وكان لهم هناك سوق من أسواق المدينة عرفت بهم. أما بقية بطون اليهود فكانت منتشرة في أماكن أخرى متعددة من المناطق الغنية في يثرب، فبنو هذل وبنو عوف كانوا إلى جوار قريظة، ونزل بنو القصيص وبنو ناغصة بقباء، وكان بنو مربد وبنو معاوية وبنو ماسكة في شمال وادي مهزور، وبنو زعورا في منطقة العوالي عند المكان المعروف بمشربة أم إبراهيم، وكانوا بنو عكرمة -عكوة- وبنو مراية على طرف حرة واقم من ناحية الشمال في يماني وشمالي منازل بني حارثة الأوسيين؛ بينما كان بنو ثعلبة وجماعات غيرهم من اليهود بقرية زهرة بناحية العريض وكانت من أعظم قرى المدينة، كما كان يعيش في شمال المدينة بقرب أحد جماعات من اليهود١. وهكذا كان اليهود يعيشون في أخصب مناطق يثرب وأغناها.

ويختلف المؤرخون في جنسية يهود يثرب، أهم عرب تهودوا أم هم إسرائيليون نزحوا إلى الأقاليم العربية؟ وعلى الرأي الأول المؤرخ اليعقوبي الذي يرى أن بني النضير وبني قريظة فرعان من قبيلة جذام العربية، تهودوا وسموا باسم المكان الذي نزلوا فيه، فبنوا النضير فخذ من جذام إلا أنهم تهودوا ونزلوا بجبل يقال له النضير فسموا به٢. وبنو قريظة فخذ من جذام إخوة النضير يقال إن تهودهم كان في أيام السموأل، ثم نزلوا بجبل يقال له قريظة، فنسبوا إليه٣. وعلى الرأي الثاني عامة المؤرخين العرب. ومن جهة أخرى تجتهد طائفة من المؤرخين الإفرنج في أن تجد لبعض أسماء القبائل اليهودية اشتقاقًا عبريًّا٤.

على أن الاستدلال ببحث لغوي على جنسية اليهود بما توحي إليه الأسماء التي يحملها اليهود قبائل وأفرادًا لا يمكن أن يعتد بها أو يعتمد عليه، سواء أكانت هذه الأسماء عربية أم عبرية، فمن الحق أن بعض أسماء القبائل اليهودية في بلاد العرب عربية محضة


١ السمهودي ١/ ١١٢- ١١٦.
٢ اليعقوبي ٢/ ٣٦.
٣ نفسه ص ٣٩.
٤ ولفنسون ١٥.

<<  <   >  >>