تسيل بالمياه وتكثر فيها الآبار والعيون، ولا يعقل ألا يجذب خصبها السكان إليها والإقامة بها.
وقد ذكرت المصادر أنه كان مع اليهود بالمدينة بطون عربية من اليمن ومن بلى ومن سليم ومن غسان، ثم إن قبائل عربية كبيرة كانت تعيش بجوار هذه الأماكن الخصيبة، حالفها اليهود واتخذوا منها حماة تدافع عنهم كحلف يهود خيبر مع غطفان. ولا تذكر المصادر شيئًا عن الصراع الذي حدث بين اليهود وبين القبائل العربية وهي بذلك تسكت عن تاريخ اليهود جملة ولا نراها تتعرض لشيء من تاريخهم إلا ما كان منه مرتبطًا بالأحداث التي اتصلت بالمسلمين، والأمر من ذلك معلوم وهو أن هذه المصادر أهملت تاريخ اليهود؛ نظرًا لموقفهم العدائي من الدعوة الإسلامية، وقد كرههم العرب فأغفلوا الحديث عنهم إلا من هو متصل بموقفهم العدائي هذا.
ولكننا نستنتج من كثرة الحصون والآطام التي أقامها اليهود للاحتماء بها أنهم لم يكونوا مطمئنين إلى مقامهم وأنهم كانوا يخشون هجوم القبائل عليهم؛ الأمر الذي يجعلنا نشك في أن استعمار اليهود كان هينًا سهلًا، كما نشك في حدوث هجرات يهودية كبيرة دفعة واحدة، وترجح أن هجرات اليهود كانت بأعداد قليلة متتابعة، وأن عددهم ظل يكثر شيئًا فشيئًا حتى غلبوا على هذه المناطق.