للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التجارية الخارجية أو في الأسواق المحلية والموسمية١. وتحدثنا المصادر عن رجل يهودي كان يتاجر في الحجاز، وكان بارعًا في التجارة حتى لقد أحنق عليه القرشيين أنفسهم وهم على ما هم عليه من براعة وخبرة تجارية؛ فتخلصوا من منافسته بقتله٢. كما تحدثنا عن أبي رافع الخيبري الذي كان يرسل تجارته إلى الشام بواسطة القوافل ويستورد منها الأقمشة المختلفة٣.

وإذا كان سكان المدينة من العرب واليهود قد عملوا بالزراعة وكانت موردهم الرئيسي، وإذا كانوا قد شغلوا بحروبهم وخلافاتهم الداخلية؛ فليس معنى ذلك أنهم أهملوا التجارة، وقد تحدثنا من قبل عن الحركة التجارية النشيطة في الداخل، وليس من المحتمل أنهم لم يزاولوا التجارة الخارجية، وإن لم يضربوا فيها بسهم وافر مثل أهل مكة الذين كانت المورد الأساسي للرزق عندهم. وإن كانت المصادر لم تحدثنا عن قوافل تجارية للمدينة اتجهت إلى الشام أو إلى اليمن، ولكن من المؤكد أن قوافل مكة كانت تمر بالمدينة في رحلاتها التجارية، وأن أهل المدينة يتعاملون مع هذه القوافل المكية٤، كما كانوا يرحلون إلى الأسواق العربية في عكاظ ومجنة وذي المجاز في موسم الحج يبيعون فيها ويشترون٥. كما كانوا يستوردون ما يلزمهم من أقمشة قطنية وحريرية ونمارق مرسومة ووسائل الترف، وما يحتاجون إليه من زيت وزبيب ونبيذ من الشام ومن اليمن، كما كانوا يستوردون العطور والمسك من دارين فرضة البحرين التي كان يحمل إليها المسك من الهند٦. ثم هم كانوا في حاجة إلى تصريف ما لديهم من صناعات وبخاصة الحلي التي اشتهر يهود بني قينقاع بصناعتها في أسواق العرب أو في الأسواق الخراجية، ثم يستجلبون ما يلزمهم من خامات


١ دروزة ٨٥.
٢ أنساب الأشراف ١/ ٧٣.
٣ تاريخ الخميس ٢/ ١٢.
٤ ابن هشام ١/ ١٤٨، ١٧٩.
٥ البخاري ٣/ ٦٢.
٦ الدلات السمعية ٦٤٣.

<<  <   >  >>