للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أن يرث مولاه إذا مات من غير وارث. وكان يحدث في بعض الأحيان أن يتخذ المعتق مولاه ابنًا أي يتبناه، وفي هذه الحالة كانوا يطبقون ما يطبق بالنسب، بمعنى أنه لا يجوز لمعتق أن يتزوج من زوجة متبناه إذا طلقها أو مات عنها. وهذا هو الباب المفتوح لترقي طبقة العتقاء في السلم الاجتماعي. وقد ظلت هذه الحالة في الجاهلية حتى إذا جاء الإسلام ألغى نظام التبني هذا كله١، فرد المتبنين إلى آبائهم: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب] . ولقد كانت هذه العادة شديدة الاستحكام حتى احتاج أمر إبطالها إلى قوة نفسية خاصة مما جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم بذلك بنفسه ومع نفر من آل بيته، ومع ذلك فقد داخل النبي -صلى الله عليه وسلم- كثير من الإشفاق، وداخل زينب بنت جحش -وهي ابنة عمته التي زوجها لمتبناه زيد، ثم طلقها زيد فتزوجها محمد صلى الله عليه وسلم- وأهلها كثير من التردد حتى احتاج الأمر إلى نذير من القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب] وحتى عوتب النبي -صلى الله عليه وسلم- على إشفاقه: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} وحتى نزل القرآن ردًّا على الذين تحدثوا في هذا الأمر ونقدوه على النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب] .


١ البخاري ٥/ ٨٢.

<<  <   >  >>