للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مشاجبٌ للثياب كلّهم ... وهذه عادة المشاقيع

جائزتي عندهم إذا سمعوا ... شعري هذا كلام مطبوع

وإنّهم يضحكون إن ضحكوا ... منّي وأبكي أنا من الجوع

وروي أنّ كيسان غلام أبي عبيدة وفد على بعض البرامكة فلم يعطه شيئاً، فلمّا وافى البصرة قيل له: كيف وجدته؟ قال: مشجباً من حيث ما أتيته وجدته لا طائل عنده.

ويكنّون عن الطفيلي فيقولون: هو ذباب، لأنّع يقع في القدور، قال الشاعر:

أتيتك زائراً لقضاء حقٍّ ... فحال الستر دونك والحجاب

ولست بواقع في قدر قوم ... وإن كرهوا كما يقع الذباب

وظريف قول الآخر:

وأنت أخو السلام وكيف أنتم ... ولست أخا الملمّات الشداد

وأطفل حين تجفى من ذباب ... وألزم حين تدعى من قراد

ويكنّون عن القصير القامة بأبي زبيبة، وعن الطويل بخيط الباطل، وكانت كنية مروان بن الحكم لأنّه كان طويلاً مضطرباً. ولهم في تفسير خيط الباطل قولان: أحدهما: إنّه الهباء الذي يدخل من ضوء الشمس في الكوّة من البيت وتسمّه العامة غزل الشمس.

والثاني: إنّه الخيط الذي يخرج من فم العنكبوت وتسمّيه العامّة مخاط الشيطان.

وتقول العرب للملقوّ: لطيم الشيطان.

ويقولون للحزين المهموم: يعدّ الحصى، ويخط الأرض، ويفتُّ اليرموع، واليرموع هو حجارة بيض رقاق تلمع. قال المجنون:

عشيّة مالي حيلة غير أنّني ... بلفظ الحصى والخط في الدار مولع

أخطّ وأمحو كلّ ما قد خططته ... بدمعي والغربان حولي وقّع

وهذا كالنادم يقرع السنَّ، والبخيل ينكت الأرض ببنانه أو بعود عند الردّ.

ويقولون للفارغ: فؤاد أُمّ موسى، وللمثري من المال: منقرس، لأنّ داء النقرس أكثر ما يعتري أهل الثروة والتنعّم. قال بعضهم يهجو ابن زيدان الكاتب:

تواضع النقرس حتّى لقد ... صار إلى رجل ابن زيدان

علّة إنسان ولكنّها ... قد وجدت في غير إنسان

ويقولون للمترف: رقيق النعل، لأنّ الملك لا يخصف نعله وإنّما يخصف نعله من يمشي، وكذلك: مسمط النعال أي نعله طبقة واحدة غير مخصوف.

ويقولون للسيّد: لا يطؤ على قدم أي هو يتقدّم النّاس ولا يتبع أحداً فيطأ على قدمه.

ويقولون: قد اخضرّت نعالهم أي صاروا في خصب.

وإذا دعوا على إنسان بالزمانة قالوا: خلع الله نعليه، لأنّ المقعد لا يحتاج إلى نعل.

ويقولون: أطفأ الله نوره كناية عن العمى وعن الموت، لأنّ من يموت قد طفئت ناره.

ويقولون: سقاه الله دم جوفه، دعاءٌ عليه بأن يقتل ولده ويضطرّ إلى أخذ ديتة إبلاً فيشرب ألبانها.

ويقولون: رماه الله بليلة لا أخت لها، يعنون ليلة موته.

ويقولون: قدر حليمه أي لا غليان فيها.

ويقولون: لقيت من فلان عرق القربة أي العرق الذي يحدث من حملها.

ويكنّون عن الحشرات والهوام بجنود السعد، يعنون سعد الأخبية وذلك لأنّه إذا طلع انتشرت في ظاهر الأرض بعد اختفائها.

ويكنّون عن اللقيط بتربية القاضي، وعن الرقيب بثاني الحبيب، لأنّه يرى معه أبداً. قال ابن الرومي:

موقفٌ للرقيب لا أنساه ... لست أختاره ولا أباه

مرحباً بالرقيب من غير وعد ... جاء يجلو عَلَيّ من أهواه

لا أحبّ الرّقيب إلاّ لأنّي ... لا أرى من أحبّ حتّى أراه

ويكنّون عن وجه المليح بحجّة المذنب، قال الشاعر:

قد وجدنا غفلةً من رقيب ... فسرقنا نظرةً من حبيب

ورأينا ثمّ وجهاً مليحاً ... فوجدنا حجّة للذنوب

ويكنّون عن الجاهل ذي النعمة بحجّة الزنادقة.

ويقولون: عرض فلانٌ على الحاجة عرضاً سابرياً أي خفيفاً من غير استقصاء، تشبيهاً له بالثوب السابري والدرع السابرية.

ويقولون: في ذلك وعدٌ سابري أي لا يقرن به وفاء.

ويقولون: عرض عليه عرض عالة أي عرض الماء على النعم العالة التي شربت شرباً بعد شرب وهو العلل لأنّها تعرض على الماء عرضاً خفيفاً لا تبالغ فيه.

ويكنّون عن الشيب بغبار العسكر، وغبار وقائع الدهر، قال الشاعر:

غضبت ظلوم وأزمعت هجري ... وصبّت ضمائرها إلى الغدر

قالت أرى شيباً فقلت لها ... هذا غبار وقائع الدهر

ويقولون: القلم أحد اللسانين، وردائة الحظ إحدى الزمانتين.

وجاء ينفض مذرويه لمن يتوعّد من غير حقيقة.

<<  <   >  >>