للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من لي بقطف زهرة في خدّه ... وعقرب الصدغ عليها رصّد

مورّد الوجنة ما استخجلته ... إلاّ وماء الورد منها بدّد

مطرّدٌ في خدّه ماء الحيا ... ماء الحيا في خدّه مطرّد

علّقته نشوان من خمر الصبا ... سبط القوام فرعه مجعّد

أهيف كم تعطّفت قامته ... وهو لألحان الغنا يردّد

تعطّف البانة تثنيها الصبا ... وفوقها قمريّة تغرّد

بدر ولكن في الجمال يوسف ... لحسنه بدر السماء يسجد

وشوقي الكامل ليس حرّه ... يطفيه إلاّ ريقعه المبرّد

ماالحسن إلاّ جمرة بخدّه ... وجمرة في القلب منّي تقد

أبرد هاتيك بلثم هذه ... يا من رأى ناراً بنار تبرد

نارٌ ولكن هي عندي جنّة ... من لي لو فيها فمي يخلّد

كم ليلة بات بها منادمي ... إلى الصباح والوشاة رقّد

وسنان لم أجذب إليّ خصره ... إلاّ ثنى أعطافه التميّد

حتّى يرى وخصره من رقّة ... عليَّ في انعطافه منعقد

أعد عَلَيّ صاحبي ذكر الطلا ... وعدّ عمّا يزعم المفنّد

راحك يابن النشواة فاغتنم ... حظّك منها والعذار أسود

وعصر أطرابك في اقتباله ... والعيش غضٌّ لك فيه رغد

وعاقر الرح يحييك بها ... شريكها في اللب إذا يغرّد

ما ولدت أُمُّ الجمال مثله ... وأقسمت بأنّها ما تلد

ما استجمع اللذّات إلاّ مجلس ... على معاطاة الكؤس يعقد

ماهو إلاّ للندامى فلك ... به من الكأس يدور فرقد

أو روضة فيها الخدود مجتنىً ... من السقاة والشفاه مورد

وشادن وفّرته ريحانة ... بطيب ريّاها النسيم يشهد

يا طالب العدل هلمَّ ظافراً ... فالعدل شخصٌ قد حواه بلد

أما ترى الفيحاء كيف أصبحت ... والجور من ورائها مشرّد

هذا حسام الدين بين أهلها ... أصبح والملك بها مقلّد

سيف بكفّ الملك منه قائم ... مقام حدّيه الطلى والعضّد

وأنت حيث باسمه شاركته ... لا تفتخر يا أيّها المهنّد

فهو على هام العداة منتضى ... دأباً وأنت تنتضى وتغمد

إن أشعرتك رهبةً هيبته ... فمنه في صدر النّديّ أسد

أغلب لا يطمح في حضرته ... طرفٌ ولا ينطق فيها مذود

مصوّر في شخصه روح النهى ... عليه أبراد الفخار جدّد

وغيره يغريك حسن شكله ... ومنه ما في البرد إلاّ جسد

أبلج عنه وإليه في النّدى ... تروى أحاديث الندى وتسند

لهم نداه مشرك في وفره ... ومدحهم حقّاً له موحّد

يا خير من زار الثناء ربعه ... فزار أزكى من نماه محتد

إليكها سيّارة مع الصّبا ... تتّهم في نشر الثنا وتنجد

سحّارة الألفاظ بابليّة ... أُمّ الكلام مثلها ما تلد

بل كلّ معنىً جاهليّ قد غدا ... يودّ منها أنّه مولّد

لا تحمد العود على قافية ... ما كلُّ عود في الأُمور أحمد

أنت فدم سيّد أبناء العلى ... ونظمها للشعر فيك سيّد

ومنه أيضاً ما سألني نظمه من دون هذا الكتاب لأجله، وقد سبقت في أوائل الكتاب إشارة إلى قصّته وذلك أنّه ولد مولود لبعض الرؤساء من أهل الشام وكان علويّاً فهنّاه بمولده بعض شعرائها وفي المجلس جماعة من أهل بغداد فعابوا ذلك النظم وافتخروا عليهم بشعراء العراق فأدّى ذلك إلى أن أرسلوا إليه يطلبون مجاراة تلك القصيدة بقصيدة بديعة فريدة ليطولوا بها عليهم ولمّا وصلت إليه أرسلها إليّ وعزم في مجاراتها عليّ، فنظمت هذه العقود النفيسة وأرسلتها إلى حضرته الأنيسة وهي:

بشرى العلاء فذي مطالع سعده ... ولدت هلالاً زاهراً في مجده

وحديقة المعروف هاهي أنبتت ... غصناً سيثمر للعفاة برفده

ونشت بأُفق المكرمات سحابة ... من ذلك البحر المحيط لوفده

الآن ردّ على الزمان شبابه ... غضّاً فأصبح زاهياً في ردّه

وجلت لك الدنيا غضارة بشرها ... عن منظر شغل الحسود بوجده

وجلا اصطباح الراح من يد أغيد ... في خدّه تزهو شقائق ورده

تجلى بكفّ رقيق حاشية الصبا ... متمايل الأعطاف ناعم قدّه

<<  <   >  >>