للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وخرج موسى بن جعفر عليهما السلام فقام إليه نفيع الأنصاري فأخذ بلجام حماره ثمّ قال له: من أنت؟ فقال: يا هذا إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمّد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله على المسلمين وعليك إن كنت منهم الحجّ إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فوالله ما رضي مشركوا قومي مسلمي قومك أكفّاء لهم حتّى قالوا: يا محمّد أخرج إلينا أكفّائنا من قريش، وإن كنت تريد الصيب والإسم فنحن الذين أمر الله بالصلاة علينا في الصلوات الفرائض في قوله: اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ونحن آل محمّد، خلّ عن الحمار، فخلّ عنه ويده ويده ترتعد وانصرف بخزي. فقال له عبد العزيز: ألم أقل لك.

وكان عقيل بن أبي طالب جيّد الجواب حاضره، قال له معاوية بن أبي سفيان يوماً: أنا خير لك من خيك. قال عقيل: إنّ أخي آثر دينه على دنياه وأنت آثرت دنياك على دينك، فأخي خير لنفسه منك وأنت خير لي منه.

وقال له يوماً: إنّ فيكم لشبقاً يا بني هاشم. فقال: هو فينا في الرجال وفيكم في النساء.

وقال معاوية يوماً: هذا عقيل عمّه أبو لهب. فقال عقيل: هذا معاوية عمّته حمّالة الحطب. وعمّة معاوية أُمّ جميل بنت جرب بن أُميّة وكانت امرأة أبي لهب.

وقال له يوماً: يا أبا يزيد - وكانت كنية عقيل - أين ترى عمّك أبا لهب؟ فقال عقيل: إذا دخلت النّار فانظر عن يسارك تجده مفترشاً عمّتك حمّالة الحطب، فانظر أيّهما أسوء حالاً الناكح أم المنكوح.

وقال له بصفّين: يا أبا يزيد! أنت معنا الليلة! قال: ويوم بدر كنت معكم.

ولمّا أتى معاوية نعي الحسن بن علي عليهما السلام بعث إلى ابن عبّاس وهو لا يعلم الخبر، فقال له: هل عندك خبر من المدينة؟ قال: لا، قال: أتانا نعي الحسن عليه السلام، وأظهر في قوله سروراً. فقال ابن عبّاس: إذن لا ينسىء الله في أجلك ولا يسدّ حفرتك. قال: أحسبه قد ترك صبيةً صغاراً؟ قال: كلّنا كان صغيراً فكبر. قال: وأحسبه قد كان بلغ سنّاً؟ قال: مثل مولده لا يجهل. قال معاوية: لو قال قائل إنّك أصبحت بعده سيّد قومك. قال: أمّا وأبو عبد الله الحسين عليه السلام حيّ فلا. فلمّا كان من غد أتى يزيد بن معاوية ابن عبّاس وهو في المسجد يعزّى، فجلس بين يديه جلسة المعزّي وأظهر حزناً وغمّاً، فلمّا انصرف أتبعه ابن عبّاس بصره وقال: إذا ذهب آل حرب ذهب حلم قريش.

وتزوّج عبد الله بن الزبير أُمَّ عمرو ابنة منظور الفزاريّة، فلمّا دخل بها قال لها تلك الليلة: أتدرين من معك في حجلتك؟ قالت: نعم عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى. قال: ليس غير هذا؟ قالت: ماالذي تريد؟ قال: معك من أصبح في قريش بمنزلة الرأس من الجسد، لا بل بمنزلة العينين من الرأس. قالت: أما والله لو أنّ بعض بني عبد مناف حضرك لقال خلاف قولك. فغضب وقال: الطعام والشراب عَلَيّ حرام حتّى أحضرك الهاشميين وغيرهم من بني عبد مناف فلا يستطيعون لذلك إنكاراً. قالت: إن أطعتني لم تفعل وأنت أعلم وشأنك، فخرج إلى المسجد فرأى حلقةً فيها قوم من قريش منهم عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن الحصين بن الحرث بن عبد مناف، فقال لهم ابن الزبير: أحبّ أن تنطلقوا معي إلى منزلي.

فقام القوم بأجمعهم حتّى وقفوا على باب بيته، فقال ابن الزبير: يا هذه! أطرحي عليك سترك، فلمّا أخذوا مجالسهم دعى بالمائدة، فتغذّى القوم، فلمّا فرغوا قال: إنّما جمعتكم لحديث ردّته عَلَيّ صاحبة الستر وزعمت أنّه لو كان بعض بني عبد مناف حضرني لما أقرّ لي بما قلت وقد حضرتم جميعاً، وأنت يا ابن عبّاس ما تقول؟ إنّي أخبرتها أنّ معها في خدرها من أصبح في قريش بمنزلة الرأس من الجسد لا بل بمنزلة العينين من الرأس، فردّت عَلَيّ مقالتي. فقال ابن عبّاس: أراك قصدت قصدي فإن شئت أن أقول قلت وإن شئت أن أكفّ كففت. قال: بل قل، وما عسى أن تقول، ألست تعلم أنّي ابن الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ أُمّي أسماء بنت أبي بكر الصدّيق ذات النطاقين، وإنّ عمّتي خديجة سيّدة نساء العالمين، وإنّ صفيّة عمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمجدّتي، وإنّ عائشة أُمّ المؤمنين خالتي، فهل تستطيع لهذا إنكاراً؟

<<  <   >  >>