للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا رنحت قدّ غصن صبا ... ولا اختال نبت ربىً في قبا

ولا راح يرفل في قرطق

أفضت نطاف ندىً دافقات ... بها اخضرَّ عرس رجا الكائنات

فلولاك ما سال وادي الهبات ... ولولاك غصن نقي المكرمات

وحقّ أياديك لم يورق

لك الأرض أنشأ علاّمها ... وقد نصبت بك أعلامها

فولالك لم تنخفض هامها ... وسبع السماوات أجرامها

لغير عروجك لم تخرق

ولولاك يونس ما خلّصا ... من الحوت حين دعا مخلصا

وعيسى لما أبرأ الأبرصا ... ولولاك مثعنجرٌ بالعصا

لموسى بن عمران لم يفلق

ولا يوم حرب على الشرك قاظ ... بسيف هدىً مستطير الشواظ

ولا أنفس الكفر أضحت تفاظ ... ولولاك سوق عكاظ الحفاظ

على حوزة الدين لم تنفق

بحبل الهدى كم رقاب ربقت ... وكم لبني الشرك هاماً فلقت

وكم في العروج حجاباً خرقت ... وأسرى بك الله حتّى طرقت

طرائق بالوهم لم تطرق

لقد كنت حيث تحير العقول ... بشأو عُلىً ما إليه وصول

فأنزلك الله هاد رسول ... ورقاك مولاك بعد النزول

على رفرف حفَّ بالنمرق

لك الله أنشى من الأُمّهات ... كرائم ما مثلها محصنات

ومذ زوّجت بالكرام الهدات ... بمثلك أرحامها الطاهرات

من النطف الغرّ لم تعلق

لحقت وإن كنت لم تعنق ... لشأو به الرسل لم تعلق

وأحرزت قدماً مدى الأسبق ... فيا لاحقاً قطُّ لم يسبق

ويا سابقاً قطُّ لم يلحق

خلقت لدين الهدى باسطاً ... لنا وبأحكامه قاسطاً

وحيث صعدت عُلىً شاحطاً ... تصوّبت من صاعد هابطاً

إلى صلب كلّ تقي نقيّ

هبطت بأمر العليّ الودود ... إلى عالم عالم بالسعود

ونورك سام لأعلا الوجود ... فكان هبوطك عين الصعود

فلا زلت منحدراً ترتقي

فلمّا وصلت إليه هذه القصيدة متحلّية بهذا السمط كتب إليّ بهذه المقطوعة يشكرني على ذلك:

لقد أبد السيّد المرتقي ... بتسميطه ذروة الأبلق

وفاه بما فيه لا فضَّ فوه ... لبيد الفصاحة لم ينطق

وبرَّز في حلبة غيره ... إليها وإن طار لم يسبق

وقلّد أبكار شعري حلىً ... تباهي الكواكب في الرونق

كأنَّ انحلال نظامي لديه ... من الربط كان على موثق

فقيد منه نحور الشطور ... فها هي للحشر لم تطلق

وأدناه منه وأحنى عليه ... حنو الشفيق على المشفق

وحيدر في فتكه ما سواه ... إذا ماادّعى الفتك لم يصدق

غداً باقراً البطون الفنون ... فأظهر منها الصريح النقي

ومن فكره الحسن العسكري ... عليها لقد كرَّ في فيلق

تسامي فطال على واستحال ... من الباقيات على مابقي

فمن ذا يجاريه وهوالخضم ... وفي لجّة منه لم يغرق

إذا صال أو جال يوم النضال ... فمن ذا يحامي ومن ذا يقي

بنار قريحته ذهنه ... عجبت له كيف لم يحرق

ومن لطفه كيف لا يستطير ... ومن صفوه كيف لم يبرق

ومن لينه كيف لا ينثني ... ومن ريعه كيف لم يورق

ومن أُفقه كيف لا يستنير ... ومن برجه كيف لم يشرق

وفي ريّه كيف لا يرتوي ... وفي ريّه كيف لم يعبق

على رقعتي صال تخميسه ... كما صال رخٌّ على بيدق

فهل بالغ من بليغ مداه ... وقد جاء بالمفحم المفلق

على نسق مثل تنسيقه ... بنان التصوّر لم تنسق

تخلّق في خلق لو يقال ... بطيب الخلوق به أخلق

تملّك حرَّ الكلام الرقيق ... فمن رقّه قطُّ لم يعتق

له مزبرٌ يرو عن ذي الفقار ... إذا هو أجراه في مهرق

ومنه الصرير يحاكي الصليل ... فيخبر عن غزوة الخندق

ويصعد للأوج منه الصريف ... فيسمعنا نغمة الموسقي

ومن نعت خير الورى جدّه ... تحدّى لما فيه لم يلحق

هو اليوم مثلي به يحتمي ... وفيه غداً من لظى نتّقي

فلا زال والفضل يرنو إليه ... بألحاظ ذي صبوة شيّق

به أهل حلّته تستطيل ... على آل كيوان في جلّق

<<  <   >  >>