للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك ما نظمته في مدح علم المفاخر ومعدن المآثر، غصن الدوحة الطيّبة من آل عبد مناف السيّد سلمان أفندي نقيب الأشراف، وذلك بمدينة السلام بغداد سنة ١٢٩٥.

بني العشق ما أحلى إلى كلّ عاشق ... طلاً لمشوق زفّها كفُّ شائق

ولم أر في الأحشاء ألطف موقعاً ... وأرشق من نبل العيون الرواشق

وأغرق أهل الحب في الحبّ مهجة ... بكلّ غرير في المحاسن فائق

أضنّهم حتّى على لحظ عينه ... بما احمرَّ من ورد بخدّيه رائق

وما العمر عندي كلّه غير ليلة ... يبيت رهيف الخصر فيها معانقي

ترفُّ على صدري خوافق فرعه ... رفيف حشاً منّي على الشوق خافق

كأنّ الثريا طوّقته هلالها ... ومن حسدت مدّت له كفّ سارق

من الريم لم يألف سوى الرمل ملعباً ... ولم يرتبع إلاّ بأحناء بارق

ونشوان من مشمولة الدلّ قدّه ... أرقّ من الغصن انعطافا لوامق

مورد ما بين العذارين زارني ... فنزّه أحداقي بورد الحدائق

وقلت وقد أرخى على الخدّ صدغه ... لقد سلسل الريحان فوق الشقائق

أُقبّل طوراً ورد خدّيه ناشقاً ... عبير شذاً ما شقَّ عرنين ناشق

وألثم طوراً ثغره العذب راشفاً ... سلافة خمر لم تدنّس بذائق

خلوت وما بي ريبة غير نظرة ... تزوّدتها منه بعيني مسارق

وراودته لكن من الثغر قبلة ... ألذَّ وأشهى من غبوق لغابق

وأعرضت عمّا دون عقد إزاره ... عفافاً وقد زالت جميع العوائق

وحسبك منّي شيمة قد ورثتها ... عن الغالبين الكرام المعارق

خليلي ما للكأس كفّي ولا فمي ... ولا كبدي للناهدات العواتق

نسبت ومابي يعلم الله صبوة ... ولا اجتذبت أحشاي بعض العلائق

عشقت ولكن غير جازية المها ... وما العشق إلاّ للمعالي بلائق

خذا من لساني ما يروق ذوي النهى ... ويترك أهل النظم خرس الشقاشق

مديحاً له تجلو مفارقها العلى ... و"سلمان" منها غرّة في المفارق

وقورٌ على الأحداث لا تستخفّه ... إذا طرقت في الدهر إحدى البوائق

ومن كعليّ القدر كان أباً له ... يزن بحجاه راسيات الشواهق

نقيب بني الأشراف أعلى كرامهم ... عماداً وأسناهم فناءً لطارق

فما قلبت أُمُّ النقابة قبله ... ولا بعده في مثله طرف رامق

فتىً إن سرى يوماً لإحراز مفخر ... فليس له غير العلى من مرافق

لقد غدت الدنيا عليه جميعها ... مغاربها تثني ثناء المشارق

تطرّق أُمّ المجد في بيت سؤدد ... يظلّل عزّاً بالبنود الخوافق

فأنجب من سلمان وهو ذكا العلى ... ببدر نهى يجلو ظلام الغواسق

همامٌ نمته دوحة نبويّة ... إلى مثمر في المجد منها ووارق

يعدُّ رسول الله فخراً لمجده ... وحسبك مجداً في الذرى والشواهق

تضوع بعطفيه السيادة مثلما ... تضوّع عرف المسك طيباً لناشق

به اقتدحت زند النجابة هاشم ... ففي وجهه من نورها لمع بارق

سما في المعالي طالباً قدر نفسه ... إلى شرف فوق الكواكب باسق

وفات جميع السابقين إلى العلى ... فقصّر عن إدراكه كلّ سابق

وقالوا رويداً حكَّ عاتقك السهى ... فقال وهل قدر السهى حكُّ عاتقي

تمنطق طفلا بالرياسة واحتذى ... بأخمصها تيجان أهل المناطق

إليكم ملوك الأرض عن ذي سرادق ... تجمّعت الدنيا به في السرادق

تقبّل أهل الفخر أعتاب داره ... فيأرج منهم طيبها في المفارق

فداء مفاتيح الندى من بنانه ... أكفّ على أموالها كالمغالق

تعلّل راجيها إذا اسودَّ ليله ... بكاذب وعد فجره غير صادق

نديّ بنان الكفّ في كلّ شتوة ... يجفّ بها ضرع الغيوم الدوافق

فحيث يشيم المجدبون بوارقاً ... تمنّوا نداه غيث تلك البوارق

وضيء المجالي والمعالي كليهما ... وعذب السجايا والندى والخلائق

أخف عل يالأرواح طبعاً من الهوى ... ولكنّه في الحلم هضبته شاهق

فما طلعة البدر المنير مضيئة ... كطلعته الغرّاء في كلّ غاسق

مهيبٌ فلولا ما به من تكرّم ... لما لمحته رغبة عين رامق

<<  <   >  >>