واذكروني مثل ذكري لكم ... ربّ ذكري قربت من نزحا
الوفا يا عرب يا أهل الوفا ... لا تخونوا عهد من لم يخن
لا تقولوا صدَّ عنّا وجفا ... عندكم روحي وعندي بدني
أنا ما حوّلت عنكم شغفي ... لا ولا من سكرتي فيكم صحوت
عنكم لم أسل في شيء وفي ... قربكم عن كلّ شيء قد سلوت
ليس في الدّنيا صفيٌّ أو وفي ... أنا قد جرّبت جيلي وبلوت
فلكم جبت إليكم نفنفا ... طالباً أوطانكم من وطني
فحفت عيسى ومن بعد الحفا ... لم تجد في الربع غير الدمن
يا معيسيل اللمى خذ بيدي ... أنا في حبّك مشبوب غريق
بتُّ أستشفي بدمعي كبدي ... كيف يستشفي حريق بحريق
فخذوا دمعي وردّوا كمدي ... ليس لي فيكم رفيق أو فريق
أسفاً من أهل نجد أسفا ... كيف أهواهم وهم من زمني
وإذا نبت البطاح اختلفا ... غلب الشوك على الورد الجني
لا تخل ويك ومن يسمع يخل ... إنّني بالراح مشغوف الفؤاد
أو بمهضوم الحشا ساهي المقل ... أخجلت قامته سمر الصعاد
أو بربّات خدور وكلل ... يتفننَّ بقرب وبعاد
إنّ لي من شرفي برداً ضفا ... هو من دون الهوى مرتهني
غير أنّي رمت نهج الظرفا ... عفّة النفس وفسق الألسن
لست بالغيد مشوقاً مغرماً ... لا ولا أستسقينهنّ الأكؤسا
أو تصببني الغواني بعدما ... حاك لي مبيض فودي برنسا
فابغ من حزمك طرفاً ملجما ... إذ غدت خيل التصابي شمّسا
والهُ واسلُ ويك عمّن سلفا ... عهده حتّى كأن لم يكن
إن يخنك الصبر فالأنس وفا ... يوم تزويج الفتى عبد الغني
سعد بالسعد انجلى قطر العراق ... مالئاً بالبشر أقطار الملا
وحميا الأُنس تجلوها الرفاق ... وبها مجلس الأنس كملا
فاسقني سقيت بالكاس الدهاق ... إنّنا اليوم بلغنا الأملا
فاتلُ من غرّ القوافي صحفا ... ما يعيها القلب قبل الأذان
حاليات بتهاني المصطفى ... وأخي الحمد أخيه الحسن
عارضا عاف وروضا رائد ... نبتا من قبل نبت العارضين
أملا راج وغيضا حاسد ... من رأى الغيضين كانا أملين
ما تعدّا واحد عن واحد ... باقتران كاقتران الفرقدين
جريا مجراهما ماختلفا ... مستقلّين معاً في سنن
لا يزل شملها مؤتلفا ... أبد الدهر وعمر الزمن
قل لشاني المصطفى كنت الفدا ... للذي ترهب من أنصله
ملك ما إن تجلّى أو بدا ... سجد الدهر على أرجله
وإذا غاضت ينابيع الندى ... أخذت تمتاح من أنمله
والحيا من راحتيه اغترفا ... فسقى الأرض بغيث هتن
تحسب التبر لديهخزفاً ... باذلاً ما يقتنيه المقتني
يتبع الهمّة ماضي عزمه ... فيرى الأبعد أدنى ما ينال
وتراه هيّناً في سلمه ... وإذا ناضل يصمي بالنضال
لا تهال الحرب إلاّ باسمه ... وهو من حرب الضواري لا يهال
يسم الصعب إذا ما أرجفا ... سمة الذلّ إلى أن ينثني
لو بشمّ الراسيات اعتكفا ... واختفى خائفه لم يأمن
وأخوه القرم وقّاد الذكا ... كان أن يهتك أستار الغيوب
كلّما صوّب فكراً أدركا ... خالص الرأي من الرأي المشوب
قد براه الله ملكاً ملكا ... طيّب الأعراق تهواه القلوب
جاء في الحلم يضاهي الأحنفا ... وحجاً رضوى به لم توزن
وذكاء وتقى ما عرفا ... لأياس وأويس القرني
ترجمت خلقك لي ريح الصبا ... مذ سرى طبعك في أنفاسها
فسرت تفضح أزهار الربي ... بشذاً فاق الشذا من آسها
كاد لولا شانه أن يشبا ... طبعك المصبي الطلا في كاسها
بمراس لك لولان الصفا ... ملمساً ملمسه لم يلن
وشبا عزم يفلُّ المرهفا ... ويقود الصعب قود المذعن
أنتما من أُسرة المجد الأثيل ... ما تخطّى بعضهم عن بعضهم
ورثوا المجد قبلاً عن قبيل ... وتعاطوه تعاطي فرضهم
وإذا ما أجدب الربع المحيل ... أخصبت جوداً مغانيى أرضهم
هذه العلياء لا ما زخرفا ... من أسانيد دنيّ لدني