وحميا الكاس لمّا صفقت ... أخذت تجلى عروساً بيديه
خلتها في ثغره قد عتقت ... زمناً واعتصرت من وجنتيه
من بروق بالثنايا ائتلقت ... في عقيق الجزع أعني شفتيه
كشفت ستر الدجى فانكشفا ... وانجلى الأفق بصبح بين
اكسبتنا إذ سقتنا نطفا ... خفة الطبع وثقل الألسن
سلها حمراء من إبريقه ... بسنا تحسبها نار الفريق
وغدا يمزجها من ريقه ... حبّذا مزج رحيق برحيق
رقصت بالدن من تصفيقه ... حبباً كالدر في ذوب العقيق
رسب الياقوت فيها وطفا ... فوقه لؤلؤه الرطب السني
ما رآها البرق إلاّ انشغفا ... بسناها شغف المفتتن
أنت يا روحى المنى روحي فداك ... مسقمي حبّاً ومبري سقمي
أتشكّى لك من سيف جفاك ... لا تبح يا مانع الريق دمي
قد شبت الخمر لكن كلماك ... ما رأت عيني ولا ذاق فمي
لو به ابتلَّ غليلي لانطفى ... لا بدمع حرّه أشعلني
كلّما كفكفت منه وكفا ... فوق خديَّ وكيف المزن
أصبحت روحي في مثل الخلال ... إذ تلاشى الجسم في علّته
وأنا أصبحت عن شخصي مثال ... بارزاً للناس في صورته
من رآني خالني طيف الخبال ... واعتراه الشك في يقظته
لا تسلني عن نحولي فجفا ... ناحل الأجفان قد أنحلني
من لذي جسم عليل نحفا ... بالهوى ليت الهوى لم يكن
من رشاً لمّا تبدّى رابعا ... أشرق افترَّ تثنّي نفرا
قمرا ثمّاً وبرقاً لامعاً ... وقنا لدناً وظبياً أعفرا
إن بدا أبدى الربيع اليانعا ... وعن الزهر المندى أسفرا
خدّه والصدغ فيه اكتنفا ... وردة محفوفة في سوسن
أو شقيق فوق الآس ضفا ... أو كميٌّ متّق في جوشن
أو هو الديباج زرته الحسان ... في قميص من حرير أخضر
أو هو الياقوت في عقد الجمان ... ناطه الزنجيى فوق المنحر
أو هو الجمر ذكا بين الدخان ... أو هو الكافور تحت العنبر
أو هو الدينار حين انصرفا ... في يمين الحبشي الأدكن
أو هو المرّيخ شقّ السدفا ... وترائي في الظلام المردن
قرطوه بالثريا والأثير ... ولووا في جيده طوق الهلال
وكسوه دون موشي الحرير ... قمص العزّ وأبراد الدلال
وجلوه جلوة البدر المنير ... قمراً يشرق في برج الجمال
كسروي الشكل رومي القفا ... يوسفي الحسن صلت المرسن
قلبه ينحت من صمّ الصفا ... وجنى وجنته الورد الجني
أنا آساد الشرى دون الشرى ... نتّقيني فلماذا أتّقيه
من مريض الجفن كم قد شهرا ... صارماً فيه حمى رشفة فيه
ودمي طلَّ لديه هدرا ... أراه إن ودى القتل يديه
ماله ساق لجسمي التلفا ... وهو في شرع الهوى لم يضمن
لا تقل يحكم فينا جنفا ... إنّه أدرى بهذي السنن
وافر الأرداف أبدت نقصه ... بدقيق الخصر إذ رجّت لديه
ما تأمّلت بعيني شخصه ... غيرة من نظر العين عليه
ولو اسطاعت لكانت قمصه ... أعين ما نظرت إلاّ إليه
إنّها منذ تولّى وجفا ... هجرت حتّى لذيذ الوسن
أنا أهوى أن يراها مألفا ... لتقيه أعيني من أعيني
ملك بالحسن أصحى معجبا ... وهو لا يحكم إلاّ في القلوب
إن جنى ذنباً تجنّى مغضبا ... وله من ذنبه نحن نتوب
من رأى قبلك يا غضّ الصبا ... مذنباً يجزي بريئاً بالذنوب
قلت إذ مرّ بقدّ أهيفا ... ومن الدهشة ما يخرسني
أيّها الساكن قلبي مألفا ... كيف ترضى بحريق المسكن
فاحد بالركب إذا الركب حدا ... فيه يوماً وأقم ما إن أقام
يمن نجداً إذا ما أنجدا ... وإذا اتهم فالمسرى تهام
وهو إن يشهد فامّ المشهدا ... وسلام لك من دارالسلام
إن ثوى جسمي فحلَّ النجفا ... ففؤادي عنده لم يظعن
أين من حلوا بجمع والصفا ... من مقيم بالغريّ الأيمن
أيّها العّذال كفّوا عذلكم ... بالهوى العذري عذريى اتّضحا
وامنحوا يا أهل نجد وصلكم ... مستهاماً يتشكّى البرحا