الكلُّ يأبى ما أباه شقيقه ... خلق الكرام وما أراد أرادا
كالناظرين على الزمان تراهما ... يتشاركان معاً كرىً وسهادا
لم تغتمض عين إذا ما أختها ... أرقت ولا هي تستطيع رقادا
فهما يد العلياء ساعة بطشها ... أو ناظراها المبصران رشادا
من معشر ضربوا رواق بيوتهم ... فوق السماك وغادروه مهادا
وإذا الفخار غدا هنالك حلبة ... ركبوا مساعيهم فكنّ جيادا
ومن العزائم ينتضون صوارماً ... ومن الحفائظ يشرعون صعادا
مادت لبشرهم البسيطة بهجة ... فرست حلومهم بها أطوادا
ءأباالغني وتلك أسمى كنية ... تدعى بها بين الورى وتنادى
شكرت مساعيك البلاد وأهلها ... وإليك قد ألقى الزمان قيادا
طأ فوق متن الفرقدين بأخمص ... وأسحب على فرقيهما الأبرادا
إن أعرقت عيس إليك أرحتها ... وكفيتها الإتهام والإنجادا
وإلى أبي الهادي انتهت جمل الثنا ... وأحاط فيها طارفا وتلادا
المخرس البلغاء والمعيبهم ... حججاً تسلُّ على الخصوم حداد
يتهلّل النادي ببهجة بشره ... كالروض راوحه الغمام وغادى
يبدو بمنبلج الجبين تخاله ... شمس الضحى والكوكب الوقّادا
تسمو لطعلته العيون تشوّقاً ... لترود أحسن منظر مرتادا
يتباشرون إذا رأوه كأنّه ... برق وراء المحل زفَّ عهادا
شرف القبائل في مواقف فخرها ... إن طوّقت بهباته الأجيادا
أخويَّ إن ضاقت بوصف علاكما ... سعة القريض وما بلغت مرادا
فلي القوافي الشاردات كأنّها ... حصّ الجمان يقلّد الأجيادا
من كلّ معربة المتون تناسقت ... مثنى فرائد درّها وفرادا
لولاكم ما كنت أنظم عقدها ... يوماً ولا أعطيتها الإنشادا
أخويَّ فلتشرق شموص علاكما ... بسما المكارم تصحب الآبادا
وكتب أيضاً علم العلم والأدب، نادرة الدهر وفريد العصر السيّد محمّد سعيد حبّوبي النجفي إليه من النجف هذه الموشّحة البديعة يهنّيه بها في زواج ولد أخيه عبد الغني ويهنّي أباه الحاج مصطفى وقد قدّم قبلها هذه الأبيات والفقرات:
عليك سلام الله ما غرّدت ورق ... وما هلّ وسميٌّ وما أومض البرق
وما نظرت بالروض مقلة نرجس ... جرى من ضروع المزن مدمعها الودق
وما حنَّ مشتاق إلى ما يشوقه ... ومادام للقلب العلوق بكم خفق
وما غربت شمس النهار وأشرقت ... ومادام من أوطانها الغرب والشرق
أحبّك حبّاً لست أدري خواطر ... من الخبل تعروني لذلك أم عشق
فأخرس عن نطقي وتجري محاجري ... بسرّي وكاد القلب إذ ذاك ينشق
فربّ لسان كالعيون له بكاً ... وربّ عيون كاللسان لها نطق
هذا وقد وجّهت إليّ وجهتكم هذه الموشحة التي هي لتهنية المجد بكم مرشّحه، فإن شملت منكم بالقبول، فإنّ ذلك غاية المأمول.
هزّت الزوراء أعطاف الصفا ... وصفت لي رغدة العيش الهني
فارع من عهدك ما قد سلفا ... وأعد يا فتنة المفتتن
عارض الشمس جبيناً وجبين ... لنرى أيّكما أسنى سنا
واسب في عطفك عطف الياسمين ... وانثنى غصناً إذا الغصن انثنى
حبّذا لو قلبك القاسي يلين ... إنّما قدّك كان الألينا
فانعطف غسناً إذا ماانعطفا ... قدّك المهزوز هزَّ الغصن
إنّ في خدّيك روضا شغفا ... مقلة الرائي وكفّ المجتني
يا غزال الكرخ وا وجدي عليك ... كاد سرّي فيك أن ينهتكا
هذه الصهباء والكاس لديك ... وغرامي في هواك احتنكا
فاسقني كأساً وخذ كأساً إليك ... فلذيذ العيش أن نشتركا
أترع الأقداح راحاً قرقفا ... واسقني واشرب او اشرب واسقني
ولماك العذب أحى مرشفا ... من دم الكرم وماء المزن
من طلاً فيها النديّ ابتسما ... إذ سرت تارج في نشر العبير
أطلعت شمس سماها أنجما ... من حباب ولها البدر مدير
فالسما أرض أو الأرض السما ... إذ غدت تلك كهذي تستنير
في ربوع ألبستها مطرفا ... أنمل الزهر من الوشي السني
وحمام البشر فيها هتفا ... معرباً في لحنه لم يلحن