أَنَّ هذا غيرُ مراد، بل هو معنًى باطل، ومن هنا ضلت طائفتان في فهم هذه الآية:
الطائفة الأولى: قالت: نحن نثبت الوجه لله تعالى، ونفهم من هذه الآية أَنَّ الله تعالى يفنى ويبقى وجهُه فقط. ولا شك أَنَّ هذا القول باطل وضلالٌ مبين، وجنايةٌ في حق الله تعالى. وهذا مذهب بعض المشبِّهة كغلاة الرافضة القدامى، ونحوهم.
الطائفة الثانية: قالت: المراد بالوجه هنا الذات، ولم يثبتوا لله تعالى وجهًا يليق بجلاله، لا من هذه الآيات ولا غيرها من النصوص. ولا شك أَنَّ هذا مذهبٌ باطلٌ أيضًا، وهو تحريفٌ لصفات الله تعالى. وهذا مذهبُ جميع المعطِّلة؛ من الجهمية والمعتزِلة والأشاعرة والماتُريدية ونحوِهم.
والتحقيق الذي نصره المحققون من أهل السنة: أَنَّ المراد بهذه الآية وشبيهاتها الذاتُ الإلهية المتصفة بصفة الوجه. والفرق بين هذا القول وقول المعطلة: أَنَّ المعطلة صرفوا معنى الوجه إلى الذات، ولم يثبتوا لله وجهًا، وأما أهل السنة، فقالوا: المرادُ بالوجه هنا الذات المتصفة بصفة الوجه. ولأنه سبحانه له وجهٌ؛ فلذلك عبر به عن الذات. وبهذا يتضح الرد على دعاة التأويل الباطل الذين يزعمون أَنَّ أهل السنة قد أوَّلوا بعض النصوص (١).
(١) راجع في ذلك: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (١/ ٢٩٠)، طبعة دار ابن الجوزي.