قوله:«وَأَصْنَافُ مَا تَضَمَّنَتْهُ الدَّارُ الْآخِرَةِ» هذا كلام جامع نافع، فالمُصَنِّف في هذا الكلام كأنه يقول: ما ذكرتُه في هذه الرسالة أمثلةٌ لما سيجري في الدار الآخرة، وما لم أذكُرْه -وهو الأكثر- فالمرجعُ فيه الكتاب والسنة؛ لأن فيهما ما يكفي ويشفي، ولا حاجة إلى الرجوع في ذلك إلى التوراة أو الإنجيل أو أخبار بني إسرائيل، ولا يجوز الاحتكام في ذلك إلى العقل، بل المرجع في هذا الباب كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قوله:«وَتُؤْمِنُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» هنا ابتدأ المُصَنِّف موضوعًا جديدًا، ويمكنُ أن نضع له العنوانَ التالي:«اعتقاد الفرقة الناجية في باب القدر»، وموضوع القدر من الموضوعات الدقيقة التي حارت فيه العقول وضل فيه من ضل، منذ عهد التابعين إلى زمننا هذا.
والمنهج الصحيح في هذا الباب هو: الالتزام بما جاء في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا إيغال في مسائله الدقيقة التي لم ترد في الكتاب والسنة، وهو من أركان الإيمان الستة، ولا يتم إيمانُ المرء حتى يؤمن بالقدر خيره وشره.