وقوله:«الْكُبْرَى» هذا احتراز عن القيامة الصغرى، وما ذكره المُصَنِّف هنا مختص بالقيامة الكبرى؛ حيث يأذن الله بانقضاء هذه الدنيا حين يأمر إسرافيلَ بنفخ الروح، فيَصعَق من في السموات والأرض إلا من شاء الله.
وتصبح الأرض صعيدًا جرزًا، وتصبح الجبال كثيبًا مهيلًا، ويتغير كل ما في العالم، كما أخبر الله في كتابه في سورتي التكوير والانفطار، والحكمة من ذلك: أن هذا التغيير هو بدء للحياة الجديدة حياةِ الآخرة، والله على كل شيء قدير.
ثم يأمر الله إسرافيل أن ينفخ النفخة الثانية، ثم يقوم الناس من القبور وتنبت الأجساد من عَجْب الذنَب (كما مرَّ معنا سابقًا) فإنه يُعاد الخلقُ منه، وحين يقومون من قبورهم يتكلم المنافقون:{يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}[يس:٥٢]، أما المؤمنون فيقولون:{هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}[يس:٥٢]، ثم يُحشر الناس عُراةً غُرْلًا غير مختونين، حفاةً غير مُنتعِلين، وتدنو الشمس من الخلائق ويُلجِمُهم العرق حسَب أعمالهم، ومن شدة الكرب يستشفع الناس بالأنبياء، فلا يشفع لهم إلا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتوضع الموازين، وتُنشر الدواوين وهي التي فيها صحائف الأعمال: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ