للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعية عامة: تتضمن علم الرب بأحوال عباده، واطلاعه على جميع أحوالهم وتصرفاتهم الظاهرة والباطنة، ولا يلزم منها الاختلاط والامتزاج؛ لأنه سبحانه لا يُقاس بخلقه» (١).

وهل المعية حقيقية أو هي كناية عن علم الله وسمعه وقدرته؟

المعنى الذي فهمه السلف، وأجمعوا عليه، ونص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) وتلميذه ابن القيم (٣) وابن عثيمين (٤) وغيرهم: هو أن الله معنا حقيقة، كما هو مستوٍ على عرشه حقيقةً. وقالوا: لفظة «مَعَ» تأتي في اللغة لمطلق المقارنة والمصاحبة، ويختلف معناها باختلاف المقتضى. وقالوا: هنالك فرقٌ بين معنى المعية، وبين مقتضى المعية؛ فلو قال قائلٌ: «محمدٌ معي الآن في البيت»، فهذه المعية حقيقية، والمعنى أن محمدًا معه في البيت بذاته، ولو قال: «أنا مع الإمام أحمد في عدم قوله بخلق القرآن»، فهذه معيةٌ حقيقية، والمعنى أنه يوافقه في الاعتقاد والرأي، ولو قلنا: «الله معنا»، فهذه معيةٌ «في العلم والسمع والبصر»، ونحو ذلك، ولهذا ما قاله شيخ الإسلام وتلميذه وتبعهما عليه ابن عثيمين - رحم الله الجميع- هو مذهب السلف، لكن كان ما فعله هؤلاء المتأخرون هو الشرح


(١) مجموع فتاوى ابن باز (١٦/ ٣٤٦، ٣٤٧).
(٢) ينظر: الفتوى الحموية ص (٥٢٠ - ٥٢٣)، ومنهاج السنة النبوية (٨/ ٣٧٢ - ٣٧٧).
(٣) ينظر: مدارج السالكين (٢/ ٢٦٥)، وعدة الصابرين ص (٤٥).
(٤) القواعد المثلى ص (٦٠).

<<  <   >  >>