وقوله:«الْمِلِّيَّ» أي مَن كان من أهل مِلَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، والذي على الملة يُبقُونه على هذا الأصل إلا بمكفر يدل عليه الكتاب و السنة، فمتى ما وقع منه كفرٌ يخرج من الملة، كالاستهزاء بالقرآن مثلًا، فيخرجونه من الملة استدلالًا بقول الله: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٥، ٦٦]. فالله هو الذي حكم بكفره، وأهل السنة لا يتجاوزون القرآن وسنةَ النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
لكن هناك فرقٌ بين التكفير المطلق، وتكفير المعين؛ فالتكفير المطلق: أن يُقال: مَن قال كذا فهو كافرٌ، مَن فعل كذا فهو كافرٌ، من اعتقد كذا فهو كافرٌ.
أما تكفير المعين: فالمراد به إطلاق الكفر على شخص بعينه، وهذا يجب فيه استيفاء الشروط، وانتفاء الموانع، وإقامة الحجة، وإزالة الشبهة.
هذا ما قرره العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، وسليمان بن سحمان، وغيرهم (١)، وقد سبق التفصيل في هذه المسألة في شرح الحائية.
قوله:«وَلَا يُخَلِّدُونَهُ فِي النَّار» أي لا يخلدونه التخليدَ الأبدي، بل يردون أمره إلى الله سبحانه؛ لأن التخليد الأبدي في النار جاء في حق الكفار
(١) ينظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٦٦)، و (١٠/ ٣٧٢)، والدرر السنية (١٢/ ٨٩)، وفُتْيَيان تتعلقان بتكفير الجهمية لسليمان بن سحمان وإبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ص (١٥٨).