للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء طائفتان مختلفتان، وأهلُ السنة والجماعة وسط بين هؤلاء وهؤلاء: أثبتوا للعبد الاختيارَ والمشيئة، لكنها متعلقة بمشيئة الله تعالى.

وهذه العقيدة بَيَّنَهَا الله تعالى في آية واحدة؛ وهي قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان:٣٠] هذه الآية بينت الحق وأبطلت عقيدة هؤلاء، ففيها رد على الجبرية والقدرية، وفيها بيان الحق الذي عليه أهل السنة.

وقد نظم ذلك السفَّارينيُّ فقال:

أَفْعَالُنَا مَخْلُوقَةٌ للهِ ... لَكِنَّهَا كَسْبٌ لَنَا يَا لَاهِي

فَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ العِبَادُ ... مِنْ طَاعَةٍ أَوْ ضِدِّهَا مُرَادُ

لِرَبِّنَا مِنْ غَيْرِ مَا اضْطِرَارِ ... مِنْهُ لَنَا فَافْهَمْ ولا تُمَار

الأصل الثالث: أنهم وسط في باب الوعيد بين المرجئة والوعيدية.

والمرجئة: مِن أَرْجَأَ أي أخَّر، قال تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ} [الأعراف:١١١] وفي قراءة: {أَرْجِئْه} أي: أَخِّرْهُ؛ وسُموا بهذا الاسم لأحد سببين:

أ- أنهم أخروا الأعمالَ عن مُسمَّى الإيمان، أي أنهم يقولون: إذا وجد الإيمان في القلب فهو كافٍ ولا تأثير للأعمال في زيادة الإيمان.

ب- أنهم سُموا بذلك لتغليبهم أدلة الرجاء على أدلة الوعيد، وأدلةُ الرجاء مثل قوله - رضي الله عنه -: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الجنَّةَ» (١).


(١) أخرجه البخاري (٤/ ١١٣) رقم (٣٢٢٢)، وابن حبان (١/ ٣٩٢) رقم (١٦٩)، واللفظ له.

<<  <   >  >>