للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشرح

أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ... » الصفة المثبتة من الحديث صفةُ القُرب لله تعالى، ولأجلها ساق المُصَنِّفُ الحديثَ، والله تعالى قريب من عباده وليس بحاجة إلى أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء؛ فإنه يعلم السر والجهر.

وصفة القرب تستلزمُ صفتَيِ الإحاطة والعلم.

وقوله: «ارْبَعُوا» أي: ارفُقوا بأنفسكم بخفض أصواتكم؛ فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسانُ إذا كان محتاجًا إلى ذلك؛ كمناداة البعيد أو ضعفِ سمع المدعو؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا».

ولهذا نص أهلُ العلم أن من آداب الدعاء خفضَ الصوت؛ قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:٥٥]؛ استنبط القرطبي (١) وغيرُه من أهل العلم من هذه الآية أن رفع الصوت بالدعاء من التعدي؛ لأنه قال في آخر الآية: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

ما حكم رفع الصوت بالدعاء في قنوت التراويح؟

المشروع في دعاء القنوت الجهرُ بالصوت بقدر إسماع المأمومين، وأما التكلفُ في الرفع، فهذا غير مشروع، بل عدَّه بعضُ أهل العلم من التعدي في الدعاء، وأما رفع الصوت بتلاوة القرآن فإن كان رياءً أو سبيلًا للرياء فهو


(١) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>