الإشكال الأول: جاء في هذه الآية ذكر الخلود في النار في حق القاتل عمدًا، فهل القتلُ عمدًا كفرٌ يستوجبُ الخلودَ في النار؟ ونحن نعرف أن مذهب أهل السنة في عُصاة الموحدين وأهلِ الكبائر أنهم لا يُخلَّدون في النار؟
أُجيبَ على هذا بعدة أجوبة: أوصلَها أهلُ العلم إلى خمسة أجوبة، أرجحُها وأصحُّها أن المراد بالخلود المكثُ الطويل وليس الدائم، وجرت العادة أن يعبر العرب بمثل هذه العبارات؛ مثل قول بعضهم:«محمد خالدٌ في السجن» أي: يمكث مكثًا طويلًا، ولهذا لم يذكر الله - سبحانه وتعالى - هنا «التأبيد» كما ذكره في حق الكفار كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الأحزاب:٦٤ - ٦٥]؛ فذكر في حق الكافرين الخلود مع التأبيد، أما الخلود بلا تأبيد فهو في حق عصاة الموحدين.
الإشكال الثاني: أنه ثبت عن ابن عباس -كما في مسند الإمام أحمد- أن القاتل لا تُقبل له توبة (١)، مع أنه جاء التصريح بقَبول توبته في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا
(١) المسند (١/ ٢٤٠) رقم (٢١٤٢) عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس، والحديث أصله في صحيح البخاري (٦/ ٤٧) رقم (٤٥٩٠)، وصحيح مسلم (٤/ ٢٣١٧) رقم (٣٠٢٣) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.