للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان:٦٨ - ٧٠].

فاستثنى اللهُ التائبَ من هذه الذنوب الثلاث، وإذا كانت التوبةُ تُقبل من المشرك، فمِن بابِ أولى أن تقبل توبة القاتل، فكيف نجيب عمَّا جاء عن ابن عباس؟

هناك عدة أجوبة:

الجواب الأول: أن مرادَ ابنِ عباس رضي الله عنهما أنه لا يوفَّق للتوبة.

الجواب الثاني: أن المراد أنه لا توبة له في ما يتعلَّق بحق المقتول؛ لأن القاتل عليه ثلاثة حقوق: حق لله تعالى، وحق للمقتول، وحق للورثة، وهذا الأمر متعلق بحق المقتول، أي أنه حتى لو تاب يُقتل إذا لم يعفُ الولي، وتوبته غير نافعة في ذلك.

الجواب الثالث: أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يُرد بما ذكر أن القاتل لا توبة له مطلقًا، وإنما هي قضيةُ عين، أي أنها فتوى خاصة لشخص معين علِم - رضي الله عنه - أنه عازم على القتل، فسأله: هل للقاتل توبة؟ فأفتاه ابن عباس بأنه لا توبة له، وأراد أن يحجُزه ويمنعه من القتل بهذا الحكم، ولذلك ارتدع عن القتل، ولو قال له: «لك توبة» لقتله وتجرَّأ على دمه، ثم طلب التوبة بعد ذلك، فهذا الحكمُ من ابن عباس من باب السياسة الشرعية، وهو دليلٌ على دقة نظر ابن عباس وعمقه وفقهه.

<<  <   >  >>