للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِالله: الْإِيمَانُ بِمَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَتَوَاتَرَ عَنْ رَسُولِهِ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ؛ مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، عَلَى عَرْشِهِ، عَلِيٌّ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا، يَعْلَمُ مَا هُمْ عَامِلُونَ؛ كَمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:٤].

الشرح

قوله: «وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِالله ... » الخ، هذا الفصلُ والفصولُ التي بعده أكثرُه مرَّ معنا في «شرح الحائية»، فلا داعي للتكرار.

وهناك مسائلُ مهمة في إثبات العلو وإثبات المعية، ولكن قبل الدخول فيها أسأل: لماذا نصَّ المصَنِّف على هاتين الصفتين في هذا الفصل مع أنهما قد مرَّا معنا؟

الجواب: لأنه قد يظن ظان أن إثبات صفة العلو يعني عدمَ إثبات صفة المعية، فأراد المُصَنِّف أن يبيِّن أنه لا تنافيَ بينهما؛ فالله موصوف بالعلو وهو فوق عرشه، وموصوف بالمعية مع علوه سبحانه، واستدل المصَنِّف بدليل عقلي؛ وهو أن القمر يسير مع المسافر وهو عالٍ في مكانه، ومع ذلك يقول: هو معنا، والله أعلى وأجل.

قوله: «وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ... » لمَّا أثبت المصَنِّف رحمه الله صفة المعية خشِي أن يتوهم متوهمٌ أنها تقتضي الممازجةَ، فنفى المُصَنِّف هذا وأثبت أنها معية حقيقية لا تقتضي الممازجة، وأنه يجب أن تُنفى عنه (الظنونُ

<<  <   >  >>