للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ الله، أَوْ عِبَارَةٌ، بَلْ إِذَا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ فِي المَصَاحِفِ؛ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً، فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا، لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا.

وَهُوَ كَلَامُ الله؛ حُرُوفُهُ، وَمَعانِيهِ، لَيْسَ كَلَامُ الله الحُرُوفَ دُونَ المَعَانِي، وَلَا المَعَانِي دُونَ الحرُوفِ.

الشرح

من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان، وهو ما دل عليه الكتابُ والسنة؛ أن القرآن كلامُ الله منزَّلٌ غيرُ مخلوق» (١).

لماذا أعاد المُصَنِّف هذه المسألةَ؟

إنما نصَّ على هذا الكلام ليدفع توهُّمين:

التوهم الأول: اعتقاد أن الكلام المكتوب في المصحف ليس كلامَ الله، وأن كلامه فقط هو المنطوق، والحق أن كلام الله هو المكتوب والمنطوق.

التوهم الثاني: أن الكلام كلام جبريل أو كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، والحق أنه كلام الله تعالى، وجبريل والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان لهما التبليغ، ولهذا قال المُصَنِّف: «فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا، لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا» فأراد المُصَنِّف أن يدفع هذا التوهمَ الوارد، وبين أنه لا يجوز أن يقال: القرآن عبارةٌ عن كلام الله كما قالت الأشعرية، ولا أن يقال: إنه حكايةٌ عن كلام الله كما قالت الكُلَّابية.


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٧).

<<  <   >  >>