للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: (٨)].

الشرح

قوله: «{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}»، تضمَّنت هذه الآية: إثباتَ صفة الرضى لله تعالى، وقال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: (٧٢)].

وجاء في السنة إثبات هذه الصفة؛ من ذلك ما جاء في «الصحيحين» من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الجنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» (١).

الشاهد من الحديث: «أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا».

قال ابنُ القيم:

فَيَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ: هَل أَنْتُمُ ... رَاضُونَ؟ قَالُوا: نَحْنُ ذُو رِضْوَان

أَمْ كَيْفَ لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا ... مَا لَمْ يَنَلْهُ قَطُّ مِنْ إِنْسَان

والله - سبحانه وتعالى - موصوف بصفة الرِّضَى، ولكن ما مُتعلَّقُ هذه الصفة، هل هي متعلِّقة بالعمل أو بالعامل؟

الجواب: متعلقة بهما كليهما، فهو - سبحانه وتعالى - يرضى عن العمل كما في قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: (٧)].


(١) صحيح البخاري (٨/ ١١٤) رقم (٦٥٤٩)، وصحيح مسلم (٤/ ٢١٧٦) رقم (٢٨٢٩).

<<  <   >  >>