للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندك، أو المتقدم في الخطاب، فكان الابتداء بـ كل أحصن للمعنى، وأجمع

للجنس، وأرفع للبس، وأبدع في النظم المعجز لذوي الألباب.

والله الموفق للصواب.

وأما الفصل الثالث، وهو أن تكون مقطوعة عن الإضافة مفردة مخبراً عنها.

فحقها أن تكون ابتداء، ويكون خبرها جمعاً، ولا بد من مذكورين قبلها، لأنها إن لم يذكر قبلها جملة، ولا أضيفت إلى جملة، بطل معنى الإحاطة فيها، ولم يعقل لها معنى.

وإنما وجب أن يكون خبرها جمعاً لأنها اسم في معنى الجمع، فتقول: كل

ذاهبوان إذا تقدم ذكر قوم، لأنك معتمد في المعنى عليهم، وإن كنت مخبراً عن كل فصارت بمنزلة قولك: الرهط ذاهبوان والنفر منطلقون.

لأن الرهط والنفر اسمان مفردان، ولكنهما في معنى الجمع.

والشاهد لما قلناه قوله سبحانه وتعالى:

(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ، و (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ) ، (وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ) .

فإن كانت مضافة إلى ما بعدها في اللفظ، لم تجد خبرها إلا مفرداً، للحكمة

التى قدمناها قبل، وهي أن الأصل إضافتها إلى النكرة المفردة، فتقول:

" كل إخوتك ذاهب " أي: كل واحد منهم ذاهب، ولم يلزم ذلك حين قطعتها عن الإضافة فقلت:

كلهم ذاهبون لأن اعتمادها إذا أفردت على المذكورين قبلها، وعلى ما في معناها من معنى الجمع، واعتمادها إذا أضفتها على الاسم المفرد، إما لفظاً وإما تقديراً، كقوله عليه الصلاة والسلام

" كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ".

ولم يقل: " راعون "

ولا " مسؤولون "، وكقوله:

" أحسنوا الملأ، كلكم سيروي "

وكقول عمر - رضي الله عنه -:

" أو كُل الناس يجد ثياباً ".

ولم يقل: " يجدون "

ومثله قوله سبحانه وتعالى:

<<  <   >  >>