للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَاب لَا يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج)

لما روى الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ / عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " لَا يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج فِي أَرض مُسلم ".

فَإِن قيل: هَذَا الحَدِيث لم يَصح عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ، إِذْ نَقله عَن يحيى بن عَنْبَسَة، وَهُوَ مَتْرُوك بِمرَّة، كَيفَ وَقد انْفَرد أَبُو حنيفَة بِهَذَا الْمَذْهَب عَن جَمِيع الْعلمَاء، وَلَو صَحَّ الْخَبَر لقَالَ بِهِ وَاحِد من الْعلمَاء غَيره، وَقد نقل ابْن الْمُنْذر فِي كتاب " الِاخْتِلَاف " مَذْهَب أهل الْعلم شرقا وغربا، فِي (أَن) الْعشْر وَالْخَرَاج يَجْتَمِعَانِ، ثمَّ قَالَ: " وَذَهَبت طَائِفَة قَلِيل عَددهَا، شَاذ قَوْلهَا، (لخروجها) عَن أَقْوَال أهل الْعلم، إِلَى أَن الْعشْر وَالْخَرَاج لَا يَجْتَمِعَانِ، فَدلَّ على أَنه مخترع ".

قيل لَهُ: هَذِه الْمَسْأَلَة قد اتّفق عَلَيْهَا أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَصْحَابه كلهم أَجْمَعُونَ، وَلم نعلم أحدا مِنْهُم خَالفه فِيهَا، واشتهر عَنْهُم الِاحْتِجَاج عَلَيْهَا بِهَذَا الحَدِيث، وشهرة الحَدِيث تربو على صِحَّته، إِذْ هِيَ قريبَة من التَّوَاتُر، فَلَا يقْدَح فِي صِحَّته وشهرته رِوَايَة من لَا تقبل رِوَايَته، كَمَا لَا يقْدَح فِي علمنَا بِوُجُود بَغْدَاد خبر فَاسق يخبرنا بوجودها، وانفراد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ بِهَذَا الْمَذْهَب عَن جَمِيع الْعلمَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>