للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْن إِسْحَاق: و (قد) حَدثنِي بعض بني قُرَيْظَة أَنهم أخرجُوا إِلَيْهِ مَعَ ابْن صوريا أَبَا يَاسر بن أَخطب، ووهب بن يهودا، فَقَالُوا هَؤُلَاءِ عُلَمَاؤُنَا، فَسَأَلَهُمْ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، ثمَّ تحصل أَمرهم إِلَى أَن قَالُوا: لعبد الله بن صوريا هَذَا أعلم من بَقِي بِالتَّوْرَاةِ. فَخَلا بِهِ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- وَكَانَ غُلَاما شَابًّا من أحدثهم سنا - فألط بِهِ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْمَسْأَلَة، يَقُول لَهُ: يَا ابْن صوريا أنْشدك الله، وأذكرك بأيامه عِنْد بني إِسْرَائِيل، هَل تعلم أَن الله حكم فِيمَن زنى بعد إحْصَانه بِالرَّجمِ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نعم أم وَالله يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّهُم ليعرفون أَنَّك لنَبِيّ مُرْسل، وَلَكنهُمْ يحسدونك. قَالَ: فَخرج رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَأمر بهما فَرُجِمَا عِنْد بَاب مَسْجده فِي بني غنم بن النجار، ثمَّ كفر بعد ذَلِك ابْن صوريا وَجحد نبوة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .

(بَاب قَضَاء القَاضِي فِي الْعُقُود والفسوخ ينفذ ظَاهرا وَبَاطنا)

وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فرق بَين المتلاعنين. وَقد علمنَا أَنه (لَو) علم صدق الْمَرْأَة لحد الزَّوْج لَهَا بقذفه إِيَّاهَا، وَلَو علم أَن الزَّوْج صَادِق لحد الْمَرْأَة للزِّنَا وَلم يفرق بَينهمَا. فَلَمَّا خَفِي عَلَيْهِ الصَّادِق مِنْهُمَا وَجب حكم آخر / وَهُوَ حُرْمَة الْفرج فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن. وَكَذَلِكَ حكم رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي الْمُتَبَايعين إِذا اخْتلفَا والسلعة قَائِمَة أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويترادان، وتعود الْجَارِيَة إِلَى البَائِع وَيحل لَهُ فرجهَا، وَتحرم على المُشْتَرِي، وَلَو علم الْكَاذِب مِنْهُمَا إِذا لقضى بِمَا قَالَ الصَّادِق مِنْهُمَا وَلم يقْض بِفَسْخ بيع وَلَا بِوُجُوب حُرْمَة فرج الْجَارِيَة الْمَبِيعَة على المُشْتَرِي.

فَلَمَّا ثَبت هَذَا فِي المتلاعنين والمتبايعين ثَبت أَن يكون كل قَضَاء بِمَا لَيْسَ فِيهِ تمْلِيك أَمْوَال كَذَلِك. وَأما قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>