(بَاب إِذا ترك الذَّابِح التَّسْمِيَة فذبيحته ميتَة)
لقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} ، فَإِنَّهُ عَام فِي كل ذبيح ترك عَلَيْهِ التَّسْمِيَة. لَكِن الْمَتْرُوك سَهوا صَار مُسْتَثْنى عَنهُ بِالْإِجْمَاع، فَبَقيَ الْبَاقِي تَحت الْعُمُوم. وَلَا يجوز حمل الْآيَة على تَحْرِيم الْميتَة، لِأَنَّهُ صرف الْكَلَام إِلَى مجازه مَعَ إِمْكَان الإجراء على حَقِيقَته. كَيفَ وَتَحْرِيم الْميتَة مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي الْآيَة.
وَيُؤَيّد هَذَا مَا روى مُسلم: عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قلت: (إِنَّا قوم) نصيد بِهَذِهِ الْكلاب، فَقَالَ: إِذا أرْسلت كلابك المعلمة وَذكرت اسْم الله عَلَيْهَا، فَكل مِمَّا أمسكن عَلَيْك وَإِن قتلن، إِلَّا أَن يَأْكُل الْكَلْب. وَإِن أكل فَلَا تَأْكُل، فَإِنِّي أَخَاف (أَن يكون إِنَّمَا) أمسك على نَفسه، وَإِن خالطها كلاب من غَيرهَا فَلَا تَأْكُل ". وَفِي رِوَايَة: " فَإِنَّمَا سميت على كلبك وَلم تسم على غَيره ".
فَإِن قيل: هَذِه الْآيَة مُعَارضَة بقوله تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذكيتم} . اسْتثْنِي عَن الْمُحرمَات، وَمَعْنَاهُ إِلَّا مَا ذكيتم فَيحل. فآية التَّسْمِيَة (بعمومها وإطلاقها، تَقْتَضِي تَحْرِيم كل مَتْرُوك التَّسْمِيَة. وَهَذِه الْآيَة تَقْتَضِي تَحْلِيل كل مذكاة متروكة التَّسْمِيَة)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute