للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّن تكافأ قَوْله بقول عمر. فَلَا يكون أحد الْفَرِيقَيْنِ بِأولى من الآخر إِلَّا بِدَلِيل من كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع أَو نظر صَحِيح.

(بَاب مَكَّة شرفها الله تَعَالَى فتحت عنْوَة)

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} رُوِيَ أَنه أَرَادَ فتح مَكَّة، وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: " مَعْنَاهُ قضينا لَك قَضَاء مُبينًا "، وَالْأَظْهَر أَنه فتحهَا بالقهر وَالْغَلَبَة، لِأَن الْقَضَاء (لَا) يتَنَاوَلهُ الْإِطْلَاق، وَإِذا كَانَ المُرَاد فتح مَكَّة فَإِنَّهُ يدل على أَنه فتحهَا عنْوَة، إِذْ كَانَ الصُّلْح لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْفَتْح وَإِن كَانَ قد يعبر عَنهُ مُقَيّدا لِأَن من قَالَ فتح (بلد) كَذَا عقل مِنْهُ الْغَلَبَة والقهر دون الصُّلْح. وَيدل عَلَيْهِ فِي نسق التِّلَاوَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} ، وَفِيه الدّلَالَة على أَن المُرَاد فتح مَكَّة، وَأَنه دَخلهَا عنْوَة. وَيدل عَلَيْهِ / قَوْله تَعَالَى: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} ، لم يَخْتَلِفُوا أَنه أَرَادَ فتح مَكَّة. وَقَوله: {هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة} وَذكره ذَلِك فِي سِيَاق الْقِصَّة يدل على ذَلِك، لِأَن الْمَعْنى سُكُون النَّفس إِلَى الْإِيمَان بالبصائر الَّتِي (بهَا) قَاتلُوا عَن دين الله حَتَّى فتحُوا مَكَّة. وَيدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تهنوا} أَي لَا تضعفوا عَن الْقِتَال، {وَتَدعُوا إِلَى السّلم} أَي الصُّلْح.

<<  <  ج: ص:  >  >>