للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحمَه الله: " رَأينَا الصَّدَقَة لَا تَخْلُو من أحد وَجْهَيْن: إِمَّا أَن تكون حَرَامًا لَا يحل مِنْهَا إِلَّا مَا يحل من الْأَشْيَاء الْمُحرمَة عِنْد الضررة إِلَيْهَا، أَو تكون تحل لمن ملك مِقْدَارًا من المَال. فَرَأَيْنَا من ملك دون مَا يغديه ويعشيه كَانَت الصَّدَقَة حَلَالا لَهُ بالِاتِّفَاقِ، فَخرج بذلك حكمهَا من حكم الْأَشْيَاء الْمُحرمَة الَّتِي تحل عِنْد الضَّرُورَة، أَلا ترى أَن من اضْطر إِلَى الْميتَة أَن الَّذِي يحل مِنْهَا مَا يمسك بِهِ نَفسه لَا مَا يشبعه، حَتَّى يكون لَهُ غداء أَو يكون لَهُ عشَاء، فَلَمَّا كَانَ الَّذِي يحل لَهُ من الصَّدَقَة، هُوَ بِخِلَاف مَا يحل من الْميتَة عِنْد الضَّرُورَة، ثَبت أَنَّهَا إِنَّمَا تحرم على من ملك مِقْدَارًا مَا، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك الْمِقْدَار مَا هُوَ فَرَأَيْنَا من ملك دون مَا يغديه، وَدون مَا يعشيه، لم يكن بذلك غَنِيا، وَكَذَلِكَ من ملك أَرْبَعِينَ درهما، أَو خمسين درهما، أَو مَا (هُوَ) دون الْمِائَتَيْنِ، فَإِذا ملك مِائَتَيْنِ كَانَ غَنِيا فمالك غَيرهَا غير غَنِي، فَثَبت أَنَّهَا حَلَال لمن ملك دون مِائَتي دِرْهَم ".

(بَاب يجوز دفع الزَّكَاة إِلَى صنف وَاحِد من الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة)

قَالَ الله تَعَالَى: {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ وَإِن تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم} . وَذَلِكَ عُمُوم فِي جَمِيع الصَّدقَات، لِأَنَّهَا اسْم جنس، لدُخُول الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ فاقتضت الْآيَة (دفع) جَمِيع الصَّدقَات إِلَى / صنف من الْمَذْكُورين. فَدلَّ على (أَن) مُرَاد الله تَعَالَى فِي ذكر الْأَصْنَاف إِنَّمَا هُوَ بَيَان أَسبَاب

<<  <  ج: ص:  >  >>