بذلك حق الله تَعَالَى (فِيهِ) ، وَيكون عَلَيْهِ مثله بمكيل ذَلِك تَمرا. إِذْ كَيفَ يجوز ذَلِك، وَقد يجوز أَن تصيب الثَّمَرَة بعد ذَلِك آفَة فتتلفها فَيكون مَا يُؤْخَذ من صَاحبهَا بَدَلا من حق الله تَعَالَى فِيهِ مأخوذا (بَدَلا) مِمَّا لم يسلم لَهُ.
وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيث المروية عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم](مَا يدل على أَن الثَّمَرَة كَانَت رطبا حِينَئِذٍ فَيجْعَل لصَاحِبهَا حق الله تَعَالَى بمكيله تَمرا يكون عَلَيْهِ نَسِيئَة. وَقد رُوِيَ عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) : " أَنه نهى عَن بيع التَّمْر على رُؤُوس النّخل كَيْلا، وَنهى عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ نَسِيئَة ". وَإِنَّمَا أُرِيد بخرص ابْن رَوَاحَة ليعلم مِقْدَار مَا فِي أَيدي النَّاس من الثِّمَار فَيَأْخُذ مثله بِقَدرِهِ فِي أَيَّام الصرام، لَا أَنهم يملكُونَ شَيْئا مَا يجب لله فِيهِ بِبَدَل لَا يَزُول ذَلِك الْبَدَل عَنْهُم.
البُخَارِيّ: عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " غزونا مَعَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] غَزْوَة تَبُوك، فَلَمَّا جَاءَ وَادي الْقرى إِذا امْرَأَة فِي حديقة لَهَا، فَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لأَصْحَابه: اخرصوا، وخرص رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عشرَة أوسق، فَقَالَ لَهَا: أحصي مَا يخرج مِنْهَا ".
وَمن طَرِيق الطَّحَاوِيّ: حَتَّى أرجع إِلَيْك إِن شَاءَ الله تَعَالَى. فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوك قَالَ:" أما أَنَّهَا ستهب اللَّيْلَة ريح شَدِيدَة فَلَا يقومن أحد، وَمن كَانَ مَعَه بعير فليعقله، فعقلناها، وهبت ريح شَدِيدَة، فَقَامَ رجل فألقته بجبل طَيء، وَأهْدى ملك أَيْلَة للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بغلة بَيْضَاء، وكساه بردا، وَكتب لَهُم (ببحرهم) ، فَلَمَّا أَتَى وَادي الْقرى قَالَ للْمَرْأَة: / كم جَاءَت حديقتك، قَالَت: عشرَة أوسق خرص رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ".
فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] خرص حديقتها، وأمرها أَن تحصي مَا يَجِيء مِنْهَا حَتَّى يرجع إِلَيْهَا، فَذَلِك دَلِيل أَنَّهَا لم تملك بِخرْصِهَا إِيَّاهَا مَا لم تكن مالكة لَهُ قبل