للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاعَ نخلا قد أبرت فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع ". زَاد التِّرْمِذِيّ: " وَمن بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للَّذي بَاعه إِلَّا أَن يشْتَرط البتاع ". هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

وَجه التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث: أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] جعل فِي هَذَا الحَدِيث ثَمَر النّخل لبائعها إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع. فَيكون لَهُ باشتراطه إِيَّاهَا، وَيكون بذلك مبتاعا لَهَا. وَفِي هَذَا إِبَاحَة بيع الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا، لِأَن كل مَا لَا يدْخل فِي بيع غَيره إِلَّا بالاشتراط هُوَ الَّذِي يجوز أَن يكون مَبِيعًا وَحده، (وَمَا يدْخل فِي بيع غَيره من غير اشْتِرَاط هُوَ الَّذِي لَا يجوز أَن يكون مَبِيعًا وَحده) ، أَلا ترى أَن رجلا لَو بَاعَ دَارا وفيهَا مَتَاع أَن ذَلِك الْمَتَاع لَا يدْخل فِي البيع، وَأَن مشتريها لَو اشْتَرَطَهُ فِي شِرَاء الدَّار صَار لَهُ باشتراطه إِيَّاه، وَلَو كَانَ الَّذِي فِي الدَّار خمرًا أَو خنزيرا فاشترطه فِي البيع فسد البيع، وَكَانَ لَا يدْخل فِي شِرَائِهِ الدَّار باشتراطه فِي ذَلِك إِلَّا مَا يج لَهُ شِرَاؤُهُ (وَحده لَو اشْتَرَاهُ) ، وَكَانَ الثَّمر الَّذِي ذَكرْنَاهُ يجوز لَهُ اشْتِرَاطه مَعَ النّخل، فَلم يكن ذَلِك (إِلَّا لِأَنَّهُ) يجوز لَهُ بَيْعه وَحده، أَولا ترى أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قرن فِي هَذَا الحَدِيث العَبْد بقوله: " وَمن بَاعَ عبدا لَهُ مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع " فَجعل المَال للْبَائِع إِذا لم يَشْتَرِطه / الْمُبْتَاع، وللمبتاع إِذا شَرطه، (وَكَانَ ذَلِك المَال لَو كَانَ خمرًا أَو خنزيرا فسد بيع العَبْد إِذا شَرطه) فِيهِ، لِأَنَّهُ بذلك يكون مَبِيعًا، وَبيع ذَلِك الشَّيْء (مُنْفَردا) (لَا) يجوز. فَهَذَا أَيْضا دَلِيل صَحِيح على مَا ذكرنَا فِي الثِّمَار الدَّاخِلَة فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>