وَالَّذِي يدل على أَن الِاسْتِثْنَاء لم يكن مَشْرُوطًا فِي عقد البيع مَا روى البُخَارِيّ: فِي حَدِيث جَابر أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " أتبيع جملك؟ قلت: نعم، فَاشْتَرَاهُ مني بأوقية، ثمَّ قدم رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قبلي، وقدمت بِالْغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى الْمَسْجِد فَوَجَدته على بَاب الْمَسْجِد، قَالَ: الْآن قدمت؟ قلت: نعم، قَالَ: فدع جملك فَادْخُلْ فصل رَكْعَتَيْنِ، فَدخلت فَصليت، فَأمر بِلَالًا أَن يزن أُوقِيَّة فوزن لي بِلَال فأرجح فِي الْمِيزَان، فَانْطَلَقت حَتَّى وليت، فَقَالَ: ادعوا لي جَابِرا، فَقلت: الْآن يرد عَليّ الْجمل، وَلم يكن شَيْء أبْغض إِلَيّ مِنْهُ، قَالَ: خُذ جملك وَلَك ثمنه ". فَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث ذكر الحملان بِحَال، لَا قبل البيع / وَلَا فِي عقدَة البيع وَلَا بعده. وَفِي رِوَايَة عَنهُ: " قَالَ: بعنيه، قلت: (بل) هُوَ لَك يَا رَسُول الله. قَالَ: (بل) بعنيه بأَرْبعَة دَنَانِير وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة ". فَقَوله " وَلَك ظَهره " جملَة تَامَّة لَا تعلق لَهَا بِمَا قبلهَا، وَهِي - وَالله أعلم - جَوَاب لجَابِر رَضِي الله عَنهُ، (فَكَأَن جَابِرا رَضِي الله عَنهُ) لما قَالَ لَهُ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " بعنيه، فَقَالَ: بِعْتُك ولي ظَهره إِلَى الْمَدِينَة، فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة ". وَكَأن جَابِرا رَضِي الله عَنهُ لما تلفظ للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِالْبيعِ ثمَّ رأى نَفسه محتاجة إِلَى ركُوبه طلب من النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن يعيره الْبَعِير ليركبه إِلَى الْمَدِينَة فأعاره النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .
فَإِن قيل: فقد رُوِيَ فِي الصَّحِيح أَنه قَالَ: " فَبِعْته على أَن لي فقار ظَهره حَتَّى أبلغ الْمَدِينَة ".
فَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الِاشْتِرَاط (كَانَ) فِي عقدَة البيع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute