للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعنهُ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد: " أَن امْرَأَة وهبت لزَوجهَا هبة، ثمَّ رجعت فِيهَا، فاختصما إِلَى شُرَيْح فَقَالَ للزَّوْج: شَاهِدَاك أَنَّهَا هبت لَك من غير كره وَلَا هوان، وَإِلَّا فيمينها لقد وهبت لَك عَن كره وهوان ".

فَهَذَا شُرَيْح قد سَأَلَ الزَّوْج الْبَيِّنَة أَنَّهَا وهبت لَهُ لَا عَن كره بعد ارتجاعها فِي الْهِبَة. فَدلَّ ذَلِك (على) أَن الْبَيِّنَة لَو ثبتَتْ عِنْده على ذَلِك لرد الْهِبَة إِلَيْهِ وَلم يجوز لَهَا الرُّجُوع فِيهَا، وَكَانَ من رَأْيه أَن للْوَاهِب الرُّجُوع فِي الْهِبَة إِلَّا من ذِي الرَّحِم الْمحرم، فقد جعل الْمَرْأَة فِي هَذَا كذي الرَّحِم الْمحرم.

وَعنهُ: عَن مَنْصُور قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم: " إِذا وهبت الْمَرْأَة لزَوجهَا أَو الزَّوْج لامْرَأَته فالهبة جَائِزَة، وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يرجع فِي هِبته ".

فَإِن قيل: فقد شبه رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْعَائِد فِي الْهِبَة بالعائد فِي الْقَيْء، وَالْعود فِي الْقَيْء حرَام.

قيل لَهُ: يجوز أَن يكون أَرَادَ بالعائد (فِي قيئه) الْكَلْب كَمَا ذكره فِي الحَدِيث الَّذِي روينَاهُ فِي أول الْبَاب، وعود الْكَلْب فِي قيئه لَا يُوصف بِحل وَلَا حُرْمَة وَلكنه مستقذر، فَلَا يثبت بذلك منع الْوَاهِب من الرُّجُوع فِي الْهِبَة، وَلَكِن أَرَادَ تَنْزِيه أمته عَن أَمْثَال الْكلاب لَا أَنه أبطل أَن يكون لَهُم الرُّجُوع فِي هباتهم.

(يُؤَيّد هَذَا مَا) روى مَالك: عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه أَنه قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يَقُول: " حملت على فرس عَتيق فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>