للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَو نفي الْملك، أَو نفيهما. وَمَعْلُوم أَنه لم يرد بِهِ نفي الْقُدْرَة إِذْ كَانَ الْحر وَالْعَبْد لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْقُدْرَة من حَيْثُ اخْتلفَا فِي الْحُرِّيَّة وَالرّق، لِأَن العَبْد قد يكون أقدر من الْحر، فَثَبت أَنه أَرَادَ نفي الْملك.

وَوجه آخر وَهُوَ أَنه جعله مثلا للأصنام تَشْبِيها بالعبيد المملوكين فِي نفي الْملك، وَمَعْلُوم أَن الْأَصْنَام لَا تملك شَيْئا، فَوَجَبَ أَن يكون من ضرب الْمثل بِهِ لَا يملك شَيْئا وَإِلَّا لزالت فَائِدَة ضرب الْمثل، وَكَانَ حِينَئِذٍ ضرب الْمثل بِالْحرِّ وَالْعَبْد سَوَاء.

وَأَيْضًا لَو أَرَادَ عبدا بِعَيْنِه لَا يملك شَيْئا، وَجَاز أَن يكون من العبيد من يملك شَيْئا، لقَالَ: ضرب الله مثلا رجلا لَا يقدر على شَيْء فَلَمَّا خص العَبْد بذلك دلّ على (أَن) وَجه تَخْصِيصه أَنه لَيْسَ مِمَّن يملك، وَلَو أَرَادَ عبدا بِعَيْنِه لعرفه بِالْألف وَاللَّام وَلم يذكرهُ بِلَفْظ منكور.

وَأَيْضًا مَعْلُوم أَن الْخطاب فِي ذكر عَبدة الْأَوْثَان والاحتجاج عَلَيْهِم، أَلا ترى إِلَى قَوْله: {ويعبدون من دون الله مَا لَا يملك لَهُم رزقا من السَّمَاوَات وَالْأَرْض شَيْئا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال} . / ثمَّ قَالَ: {ضرب الله مثلا} فَأخْبر أَن مثل مَا يعْبدُونَ مثل العبيد والمماليك الَّذين لَا يملكُونَ شَيْئا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ) أَن يملكُوا، وَلَو كَانَ المُرَاد عبدا بِعَيْنِه، وَكَانَ العَبْد مِمَّن يملك، مَا كَانَ بَينه وَبَين الْحر فرق، وَكَانَ تَخْصِيص العَبْد بِالذكر لَغوا، فَثَبت أَن الْمَعْنى نفي الْملك للْعَبد رَأْسا.

وَقَوله: {أبكم} أَرَادَ بِهِ عبدا (أبكم) ، أَلا ترى إِلَى قَوْله: {وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ} فَدلَّ على أَن المُرَاد (العَبْد) ، كَأَنَّهُ ذكر أَولا عبدا غير أبكم، وَجعله مثلا

<<  <  ج: ص:  >  >>